قسم أصول الدين
  والتقوى، والحق والباطل، والهدى والضلال، ومعرفة طريق الهدى وطريق الضلال، وأنه يكفي المكلف لمعرفة الحق وسلوك سبيله ومعرفة الباطل وتركه أن يرجع إلى عقله فإنه سيهديه لا محالة إلى ذلك، بل إنه لا يحتاج إلى كثير عناء، فيكفيه أن يرجع إلى ما في ذاكرته فإنه سيجد فيها ما يهديه إلى الحق، ويردعه عن الباطل.
  ٦ - إذا كان هناك من لا يستطيع أن يصل إلى معرفة الحق من الباطل بعقله وفكره فليس مكلفاً بمعرفة الحق، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦].
  ٧ - وإنما كان الخطأ في معرفة الله والجهل به عظيماً يستحق به صاحبه اسم الكفر، وينظم به في سلك الفاجرين والفاسقين والظالمين لأسباب:
  ١ - أن الله تعالى يستحق على عبيده أن يشكروه غاية الشكر بما أعطاهم من جلائل النعم وأغدق عليهم بما لا يحصوه من العطايا والمنن، وأن كل ما وجد أو يوجد من نعمة بأحد من خلق الله فهي منه وحده لا شريك له، وأن فضله عليهم عظيم وإحسانه إليهم كثير، {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان: ٢١]، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ..}[إبراهيم: ٣٤].
  ٢ - أن الله تعالى مع فضله عليهم وإحسانه إليهم قد دلهم على معرفته بدليلين كبيرين:
  أ بما ركز في فطر عقولهم من التمييز بين الحق والباطل، والهدى والضلال.
  ب بما عرفهم به ودلهم عليه على ألسنة رسله À وبما أنزل في كتبه.
  ٣ - أن الله تعالى بعث في آفاق السموات والأرض آيات عظمته وكبريائه وآيات علمه وقدرته و ... الخ، بل إن في كل إنسان من آيات الله الباهرة ودلائل قدرته القاهرة وآثار علمه ورحمته ما يكفي العاقل ويغنيه عما سواه من الآيات.