باب صفة الصلاة
  ٢ - وتسقط عن المريض بعجزه عن الإيماء بالرأس مضطجعاً(١).
  قلت: الأولى - كما يظهر لي، والله أعلم - أن الصلاة لا تسقط تماماً في الحالتين؛ وذلك لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، ولما روي عن النبي ÷: «إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، فإن ذلك يفيد أنه يسقط ما تعذر فعله عن المريض دون ما لم يتعذر عليه فعله، وعلى هذا فلا تسقط الصلاة على من تعذر عليه الماء والتراب للمرض إذا كان قادراً ومستطيعاً لفعل الصلاة، ولا تسقط الأذكار على من تعذر عليه الإيماء لاستطاعته لفعلها.
  هذا، مع أن أهل المذهب قد قالوا: إن من لم يجد ماءً ولا تراباً صلى على الحالة التي هو عليها(٢)، فكما ترى فقد فرق أهل المذهب بين تعذر استعمال الماء والتراب للمرض وبين تعذر استعمالهما للعدم، فقالوا: تسقط الصلاة على المريض دون العادم، ولا وجه للتفرقة، اللهم إلا أن يكون هناك نص في المريض.
[عدم ذكر أهل المذهب السلام على رسول الله ÷ في الصلاة]
  سؤال: لماذا لم يذكر أهل المذهب التسليم على النبي ÷ في الصلاة، بل ذكروا الصلاة على النبي ÷ وحدها، مع أن الأمر جاء بالاثنين معاً في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ٥٦}[الأحزاب]؟
  الجواب والله الموفق: أن الذي ظهر لي - والله أعلم - أن السلام له موارد ومواطن يقال فيها، فيسلم على النبي ÷ في مجالسه، وفي بيته، وحيثما صادفه المسلمون، وكذلك يسلم عليه في قبره، ويبعث له بالسلام حيًّا وميتًا، وهذه هي المواطن التي يتأكد فيها السلام عليه ÷.
  وليست الصلاة من المواضع التي يتأكد فيها السلام، فاقتصر فيها بالصلاة عليه ÷؛ إذ الأمر فيها متأكد على الحاضر والغائب، ولأن السلام تحية، ولا تحية على الغائب ومن في حكمه.
(١) شرح الأزهار ١/ ٢٥٩.
(٢) شرح الأزهار ١/ ١٢٩.