قسم أصول الدين
  هذا، ولا يستقيم أن تقدر اللام بشيء من سائر المعاني إلا على ضعف.
  وأما الباء في قولهم: «قادر بذاته» فإن كانت للسببية كان الكلام عليها كالكلام على اللام التعليلية فيما تقدم سواءً سواء.
  وإن كان يراد بها الآلة كالتي في نحو: كتبت بالقلم - فلا يصح ذلك في حق الله تعالى إلا على وجه من المجاز، وذلك أن الله تعالى يخلق ويرزق من غير آلة؛ إذ لا يحتاج إلى الآلات إلا المخلوق، فإطلاق الآلة على ذاته تعالى مجاز، جيء به للتفرقة بين فعل الخالق وقدرته وبين فعل المخلوق وقدرته، وأن لا آلة على الإطلاق.
  فإن قيل: إذا لم يعرف ما تقدم على التفصيل الذي يذكره المتكلمون لم تتم المعرفة بالله، وذلك أنه لا بد من معرفة أنها صفات ذاتية، لا أمور زائدة على الذات أو معاني زائدة أو ... إلخ.
  قلنا: التفكر بعد ما قدمنا مذموم، ويكفي المكلف أن يؤمن بأن الله على كل شيء قدير، وأنه لا تشابه بين الخالق والمخلوق على الإطلاق، وأنه يجب الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته، والتصديق بها من غير تصور.
  وأرى أنه مما ينبغي سد باب التفصيل والتدقيق على العوام والمبتدئين وناقصي الفهم؛ إذ قد يوقعهم ذلك في تشويش واضطراب وحيرة وشك.
  فإن قيل: قد كثر في كلام الأئمة من أهل البيت $ وفي كلام علمائهم التعبير بقولهم: عالم بذاته و ... إلخ.
  قلنا: أكثر ما يدل ذلك على جوازه؛ إذ لا يطلقون على الله إلا ما يجوز إطلاقه عليه، لا على وجوب ذلك.
  فإن قيل: المراد بقولهم: لذاته وبذاته وعلم ذاتي و ... إلخ - المراد الشرح والتوضيح والتفسير لعلم الله تعالى وقدرته و ... إلخ.
  قلنا: قولهم: «لذاته وبذاته وذاتي» لا يتم به شرح ولا توضيح ولا تفسير، وذلك: أن الله تعالى يقول: {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠}[طه]، فدون معرفة