من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب التوحيد

صفحة 77 - الجزء 3

  الذات الإلهية حجب وأستار من العظمة والكبرياء والجلال، وحينئذ فشرح ذلك المذكور وتفسيره بالذات والذاتي تفسير وشرح بما لا يمكن معرفته.

  فإن قيل: لعل مقصودهم بيان انتفاء المعاني الزائدة فلا يتوهم أحد أن هناك قدرة زائدة على ذات القادر.

  قلنا: يكفي للدلالة على ذلك أن {اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} و {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}⁣[الشورى: ١١]، ونحو ذلك مما معناه واضح معقول كما في الأثر: «تفكروا في المخلوق، ولا تفكروا في الخالق»، «كل ما تصوره الوهم فالله بخلافه»، «التوحيد ألا تتوهمه»، {وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ١١٠}⁣[طه]، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}⁣[الإخلاص].

  ففيما ذكرنا ونحوه ما يغني عما يذكره المتكلمون، بل إن بيان الله أحسن وأكمل وأوضح.

[هل حليم وغفور صفتا نفي أو صفتا إثبات]

  سؤال: ما هي ثمرة الخلاف في صفتي حليم وغفور، هل هما صفتا نفي أو صفتا إثبات؟

  جواب: قبل ذكر ثمرة الخلاف نذكر المعنى على القولين: فالذين قالوا إنهما صفتا نفي، قالوا: معنى «حليم» أنه لا يعجل الانتقام من العصاة، ومعنى غفور: أنه لا يؤاخذ المذنبين بذنوبهم أو لا يعجل المؤاخذة.

  والذين قالوا إنهما صفتا إثبات، قالوا: الحليم في حق الله هو أنه يسبل الخير على العصاة ويواصل عليهم النعم، وغفور في المعنى كذلك.

  والذي يظهر لي في معناهما هو الجمع بين النفي والإثبات، فمعنى حليم في حق الله تعالى: أنه يواصل على المذنبين النعم ولا يؤاخذهم بذنوبهم ولا يعجل الانتقام منهم، وإنما قلنا ذلك لأن الله تعالى يسبل النعم على المذنبين ولا يؤاخذهم عليها، قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}⁣[فاطر: ٤٥]، ونحن نرى عياناً العصاة المصرين على ذنوبهم وهم