من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب العدل

صفحة 85 - الجزء 3

  أم فعله رب العالمين، وهذا خلاف مذهب الأشعرية فإنهم يقولون: إنه يتغير القبيح إلى حسن إذا فعله رب العالمين؛ فإذا أرادوا هذا المعنى فلا خلاف بيننا وبينهم.

  ٢ - وإما أن يريدوا أن الظلم مثلاً قبيح لكونه وقع على وجه يخصه، وذلك الوجه هو كونه خالياً عن جلب نفع أو دفع ضرر أو استحقاق فإذا وقع الفعل على هذه الصفة كان قبيحاً، وقوله: من غير أن يكون المؤثر ... إلخ: تأثير الفاعل في القبح هو أمر خارجي، وذلك كما تقوله الأشعرية: إن الفعل يقبح لكون فاعله عبداً، وتأثير العلة كقول الأشعرية أيضاً: إن الفعل يقبح من أجل النهي، فالنهي عندهم علة في قبح القبيح.

  ٣ - التأويل الأخير: إذا كان مرادهم أن الفعل يقبح لكونه فعلاً كالضرب يقبح لكونه ضرباً، والقتل يقبح لكونه قتلاً، و ... و ... إلخ فيضيفون قبح القتل إلى كونه قتلاً - فهذا لا يصح ولا نوافقهم عليه، وذلك لما يلزم من استواء القتل قصاصاً والقتل عدواناً في القبح، وكذلك ضرب اليتيم تأديباً، وضربه عدواناً في القبح، وذلك معلوم البطلان، فتأمل.

[بخس أولاد الظلمة وفسادهم]

  سؤال: جرى ذكر الظلمة المعتدين وبخس ذراريهم، فقيل: كيف جرى وتعدى ذنب الوالد إلى الولد؟ وكيف استحق الولد ذلك وقد قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}⁣[الأنعام: ١٦٤]؟

  الجواب والله ولي التوفيق: أن بخس أولاد الظلمة وفسادهم ليس عقاباً ولا جزاءً على ظلم آبائهم، وإنما نشأ فسادهم وبخسهم من قبل المنشأ حيث نشأوا بين أبوين فاسدين وتربوا في أحضانهما، فإن لتربية الوالدين لابنهما تأثيراً؛ فإن كانا صالحين تربى الصلاح في الولد، وإن كانا فاسدين تربى الفساد فيه، ومن هنا جاء في الحديث: «كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما