كتاب المنزلة بين المنزلتين
[في لحوق ذرية المؤمن به]
  سؤال: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ٢١}[الطور]:
  هل سيلحق الأدنى من الذرية بذي الدرجة الرفيعة من أصوله بدون عمل في الدرجة؟
  وهل سيلحق المؤمن من ذرية الرسول ÷ برسول الله ÷ في الدرجة والمنزلة؟
  وأيهما أفضل المؤمن من أهل البيت، أم المؤمن العالم المجاهد من غير أهل البيت؟
  وهل يتنافى قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩}[النجم]، مع ما تقدم؟ وإن تنافى فكيف التوفيق؟
  الجواب والله الموفق: أن هذا السؤال يشتمل على عدة أسئلة، وهذه هي الأجوبة مرتبة على حسب الترتيب الوارد في السؤال:
  ١ - الذرية الصالحة ستلحق بأصلها الرفيع الدرجة، وليس معنى هذا أن الذرية ستلحق بأصلها بحيث تكون في درجته ومنزلته عند الله، فيكون المؤمن من أهل البيت $ في منزلة النبي ÷ وفي منزلة علي #؛ فإن المعلوم أن لهما ª منازل ودرجات عند الله تعالى لا يلحقهما لاحق من هذه الأمة.
  وفي الحديث: قيل يا رسول الله: وما الوسيلة؟ قال: «هي أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا نبي، وأرجو أن أكون أنا هو»، وفي حديث: «لَضَرْبَة علي يوم الخندق تعدل أعمال أمتي إلى يوم القيامة» أو كما قال. إلى غير ذلك.
  وحينئذ فالمعنى أن الله تعالى سيلحق الذرية الصالحة بآبائهم الصالحين في مطلق الكرامة فيعطيهم من الكرامة ما لا يعطي غيرهم ممن هو مثلهم في الإيمان والعمل، وإنما حصلت لهم تلك الكرامة والرفعة؛ لأنها من تمام ثواب الله وكرامته على آبائهم، فقد استحق الآباء بسبب صالح أعمالهم الثواب