كتاب الوعد والوعيد
كتاب الوعد والوعيد
[الخلود في النار]
  سؤال: هل يصح التفضل من الله تعالى على العاصي المصر بعد الحكم بخلوده في النار، فيعفو عنه، فيمنع عنه دخول النار كما أنه في الشاهد يحسن من الملك العفو عن أحد رعيته بعد الحكم عليه بالعقوبة، هل كما يحسن من العبد يحسن من الله تعالى؟
  الجواب وبالله التوفيق:
  - العفو عن المجرم حسن في العقل وجائز في أحكامه في الجملة، ولا يجب على ذي الحق أن يستوفي حقه، بل له أن يأخذ أو يترك شاهداً وغائباً، هكذا تقرر في أحكام العقول.
  - إلا أنه قد يعرض دون الإحسان مانع يمنع من الحكم بحسن الإحسان، فيصير الإحسان بسبب ذلك المانع العارض قبيحاً، واتصاف الإحسان حينئذ بصفة القبح اتصاف عارض.
  فإن قيل: الحسن والإحسان من الصفات التي لا تتغير ماهياتها، فلو أخبر مخبر وقال: الإحسان قبيح، أو الحسن قبيح، لعد خبره باطلاً، ولكان مثل قول القائل: الساكن متحرك، والمثلث مربع، والبر بحر، وإنما كان مثل ذلك باطلاً غير مقبول؛ لأنه إخبار عن الشيء بضد ماهيته، أو بخلافها، والمعروف عند العقل أن ماهية الشيء لا تتغير.
  فيقال في الجواب: نعم الإحسان لا يتغير كما قلتم، فمن المستحيل أن يكون الإحسان قبيحاً.
  والذي نعنيه أن الإحسان يكون قبيحاً لا لأنه إحسان، بل لقبح ضميمة انضمت مع الإحسان ولزمته بحيث يلزم من فعل الإحسان حصول ذلك القبيح الملازم له. ولنضرب لذلك بعض الأمثلة: