من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

1 - دليل العقل

صفحة 171 - الجزء 3

  ٤ - دليل الإجماع.

  فعلى هذه الأصول بنيت ديانة الزيدية، وكل ديانة فكرية جاءت عن غير هذه الأصول فإن الزيدية لا تلتفت إليها ولا تعوِّل عليها.

  ولنبدأ في تفسير هذه الأصول الأربعة؛ فنقول وبالله التوفيق:

١ - دليل العقل

  دليل العقل: هو أول الأدلة عند الزيدية وأقواها، ولنتكلم هنا على شيئين اثنين:

  ١ - توضيح الدليل على صحة دعواهم أن العقل حجة قاطعة في الدين.

  ٢ - توضيح أن دليل العقل هو أقوى الأدلة.

  فنقول: الدليل على ما ادعينا من أن العقل حجة قاطعة في الدين - هو دليل ضروري وجداني لولا تلوث الكثير من فطر العقول بالمذاهب الخرافية التقليدية الموروثة التي يتلقاها الخلف عن السلف، وينشأ عليها الصغير ويهرم الكبير.

  فإن قال القائل: إن الأحكام الضرورية لا تزول بالتشكيك والتلبيس، فإن العاقل لا يقبل ولا يصدق من يروِّج له بأن الليل نهار أو العكس؛ لذلك فإن حكم العقل لو كان ضرورياً كما تقولون لم يقع فيه اختلاف بين طوائف المسلمين.

  قلنا في الجواب: ليس الأمر كما ذكرتم، ألا ترى أن مشركي العرب بما فيهم قريش مع ما هم عليه من زكاء الفطرة، وتوقد الذكاء - كانوا يعبدون الحجارة ويحلفون بها، ويحاربون دونها، ويخاطبونها، ثم مع ذلك ربما رموها واستبدلوا بها غيرها ... إلى آخر مذاهبهم الخرافية التي تمجها الفطرة، ويأباها العقل بضرورته.

  وهناك جواب آخر: هو أن الوهم قد يسيطر فيضعف لسيطرته حكم العقل الضروري، وهذا أمر وجداني، ألا ترى أن الرجل قد يكون في مكان خال أو في غرفة من بيته نهاراً فإذا جاء الظلام صور له الوهم والخيال أشباحاً وأهوالاً يقشعر منها جلده، ومع هذا فإن العقل يحكم في هذه الحال بخلو المكان عن تلك الأشباح المخيفة، فلا يلتفت الخائف إلى حكمه، وذلك لسيطرة الوهم والخيال.