من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

مبحث هام عن الزيدية وأصولها

صفحة 202 - الجزء 3

  الوحيد الذي سلم من الخرافات ومخالفة العقل، وسلم من الغلو والتفريط، وتوافق مع فطرة العقل والحكمة، يعرف ذلك من اطلع على المذاهب.

  الناحية الثانية: أن المذهب الزيدي اعتمد في أدلته وبنى مذهبه على الأدلة التي أجمعت عليها الطوائف المختلفة بخلاف أهل المذاهب الأخرى.

  فهناك أحاديث أجمعت الطوائف الشيعية والسنية على روايتها عن النبي ÷ وعلى صحتها، فجعلتها الزيدية قواعد وأسساً بنت عليها مذاهبها.

  أما أهل السنة والجعفرية، وغيرهما فقد بنى كل منها مذهبه على روايات اختصوا بروايتها وصححوها وحدهم دون غيرهم من أهل المذاهب، ولا شك أن ما بني من المذاهب على ما أجمعت الطوائف على صحته وروايته أولى بالحق مما بني من المذاهب على روايات غير مجمع على صحتها.

  الناحية الثالثة: أن علماء أهل البيت التابعين لمذهب الشافعي أو الحنفي أو المالكي أو الحنبلي ليس لهم مذهب يدعون إليه، وإنما هم تابعون ومقلدون للإمام الشافعي أو لأبي حنيفة أو لمالك أو لأحمد بن حنبل، وإذا دعوا فإنما يدعون إلى اتباع واحد من أولئك الأئمة الأربعة.

  ومن هنا فيكون وجود هؤلاء العلماء من أهل البيت في المذاهب الأخرى كالعدم، ولا يصح وصفهم بالأئمة؛ لأنهم تابعون غير متبوعين، وقد أجمع أهل المذاهب أنه لا يجوز تقليد المقلِّد ولا اتباعه في الأحكام الشرعية، وهم مقلِّدون.

  الناحية الرابعة: اختصت الجعفرية بمذاهب لا برهان لهم عليها إلا روايات رووها هم وحدهم، ولم يروها غيرهم من طوائف المسلمين، لا الزيدية ولا غيرهم.

  أما مذاهب الزيدية فبرهانهم عليها روايات مجمع على صحتها عند الجعفرية وأهل السنة والزيدية، فمن هنا قلنا إن أهل البيت (الزيدية) هم المرادون بما جاء عن النبي ÷ في أهل بيته، وقد قال أمير المؤمنين كما في النهج: (فاعرف الحق تعرف أهله).