[الحديث الذي يجب قبوله]
  والمعلوم أن الحق لا يخرج من أيدي الأمة وأنها لا تجتمع على ضلالة، ولا خلاف في ذلك، وكل طائفة تقول إنها المحقة دون غيرها، والمفروض أن الدعوى لا تقبل إلا ببرهان يدل على صحتها، وإلا تركت.
  - وحينئذ فما هو الحل؟ وما هي الطريق الموصلة إلى معرفة الحق؟
  الحل والطريق: هو الأخذ أولاً بما أجمعت عليه طوائف الأمة من تفسير آية من كتاب الله تعالى أو من حديث رسول الله ÷، فما أجمعت عليه الطوائف من صحة تفسير آية أو من صحة حديث رسوله ÷ فليأخذ به الناظر، فإنه إذا فعل ذلك وأخذ به تفتحت له الأبواب الموصلة إلى معرفة الحق، وهذا هو ما عناه الله تعالى بقوله عز من قائل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ...}[النساء: ٥٩]، فالرد إلى الله تعالى هو الرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته المجمع على صحتها عند الجميع.
  ولو أن المختلفين فعلوا ذلك لارتفع الخلاف، والله المستعان وإليه ترجع الأمور.
  ولا يخفى أن الزيدية هي الطائفة الوحيدة التي تدعو إلى مثل هذا، وهو تحكيم الكتاب الكريم والسنة المجمع عليها.
  - ولا يخفى أن حديث الرسول ÷ قد تلاعبت به الأهواء، ومر بظروف سياسية أخضعته لمصالحها، وتعرض لكيد المنافقين، ودسائس المفسدين، ولخطأ الرواة، وأوهامهم و ... إلخ، وحينئذ فلا بد من طريق إلى تمييز الحديث الصحيح من غيره.
  وقد حاول أهل السنة والجماعة ذلك، فوضعوا الأسس والقواعد والموازين، وحققوا ودققوا، وبذلوا في هذا السبيل جهوداً عظيمة، إلا أن هذه المحاولة وذلك المجهود العظيم كان منحازاً لخدمة مذهب أهل السنة والجماعة الذي هو وليد سياسة معاوية.