من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[الدليل على قبول خبر العدل في التكفير والتفسيق]

صفحة 262 - الجزء 3

  تلك الأحكام، وأنها بنيت على تلك الأدلة وفيها الضعيف والمرجوح، وعلى اغتراره هذا بنى شرحه ضوء النهار على الأزهار، ومال باجتهاده مع الناهض من الأدلة، وزيف بنظره ما خالفها مما رسمه الآباء والأجداد على حد زعمه.

  فقد توهم الجلال أن تلك الأحكام الفقهية التي تضمنها الأزهار مبنية على تلك الأحاديث التي يستدل بها المتأخرون من دون نظر وتمييز بين الصحيح والضعيف والراجح والمرجوح؛ فقد جهل وتخبط وضل ضلالاً بعيداً.

  يوضح ذلك أن لكل من المذاهب الإسلامية طريقة يسيرون عليها، فأهل السنة والجماعة لهم طريق غير طريق الجعفرية، وللزيدية طريق غير طريق هؤلاء، وكل طائفة ترى أن الحق فيما ترويه من الأحاديث والآثار في كتبها.

  فأهل السنة يرون الحق فيما عندهم من الحديث والآثار، والزيدية يرون الحق فيما عندهم من الروايات والأخبار، وكذلك الإمامية.

  فنقد الجلال في كتابه هذا ضائع، فالزيدية ليسوا من أهل السنة والجماعة، وليسوا عالة على صحاحهم ومسانيدهم، ولا يثقون بأخبارهم: وثّقوا أو ضعّفوا، عدّلوا أو جرحوا، وصلوا أو أرسلوا، عمدتهم على أئمتهم رواية ودراية.

  فأقوال أهل السنة التي حشا بها الجلال ضوء النهار: قال فيه أحمد كذا، وقال فيه فلان كذا، ووصله فلان، وعلقه فلان، كل هذه الأقوال لا تزن عند الزيدي جناح بعوضة، ولا يجوز قبولها والركون إليها.

  أوَما يرى الجلال أن الأسانيد التي قد ملأت قلبه حباً وغراماً مطعون فيها من حيث العدالة؟! كعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وكالزهري عن فلان، وعكرمة عن ... ، وسمرة، والمغيرة، وأبي موسى، وكم في رجالهم من أمثال حريز بن عثمان ممن كان يبغض أمير المؤمنين ويلعنه.

  وأئمة الحديث كأهل الصحاح والمسانيد في عدالتهم عند الزيدية نظر.

  ولعل قائلاً يقول: إذا كان الأمر كما ذكرت فأين السنة التي يأخذ بها الزيدية ويعتمدون عليها؟