الأدلة الشرعية
  قلنا: لهم كتب معروفة ومشهورة بينهم وإن لم تكن في الكثرة مثل كتب السنة والجماعة كما يسمون أنفسهم؛ فمنها: كتاب مجموع الإمام زيد #، وأمالي حفيده أحمد بن عيسى، وشرح التجريد، والأمالي لأبي طالب، والأمالي للمرشد بالله، وغير ذلك كثير مما هو مسند.
  فإن قلت: هل للزيدية كتب في الجرح والتعديل؟
  قلنا: رجال الزيدية الذين يؤخذ عنهم العلم مشهورون بين أهل العلم، لهم ذكر وتاريخ في سير الأئمة وفي كتب الإجازات، فمن ذلك: رجال سند المجموع، فرجاله مرضيون عند أئمة الزيدية وعلمائها، معروفون بالعدالة، ولا سماع لما طعن به في بعض رجال سنده؛ لأن ذلك مجرد كذب كما حقق ذلك في مقدمة الروض، مع العلم أنهم يجرحون (أي: أهل السنة والجماعة) الشيعة لكونهم شيعة، ويجرحون المعتزلة لكونهم معتزلة، ويجرحون كل من خالف مذهبهم بالكذب والوضع.
  هذا، واعلم أن الزيدية يحتاطون في الحديث، فلا يكادون يعتمدون إلا على المتلقى بالقبول أو المشهور أو المتواتر أو المجمع على صحته بشرط أن لا يخالف الكتاب العزيز؛ فإذا لم يجدوا في المسألة دليلاً من الكتاب أو من السنة التي هي كما ذكرنا رجعوا إلى أقوال أئمتهم؛ عملاً بمقتضى الدليل الذي دل على ذلك، وهو قوله ÷: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به ...» الحديث.
  وهذه هي الطريقة التي خرج عنها الجلال ومال بزعمه مع الدليل، فالواقع أنه خرج عن الدليل ومال إلى التقليد.
  يوضح ذلك: أن الدليل هو إما الكتاب ولا نزاع فيه، وإما السنة: فإن كانت كما وصفنا فلا خلاف في قبولها، وإن كانت على غير ذلك كأن تختلف الرواة والعلماء في صحته بعضهم يصحح وبعضهم يضعف - فهاهنا توقفت الزيدية فيما كان كذلك ورجعت إلى كتاب الله وعترة نبيه ÷؛ عملاً بوصية الرسول ÷ حين قال: «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبداً كتاب الله وعترتي