باب صلاة الجماعة
  وفي المجموع ما لفظه: (لا يُصلَّى خلف الحرورية، ولا خلف المرجئة، ولا القدرية، ولا من نصب حرباً لآل محمد).
  وفي الحديث المروي عن النبي ÷: «لا يَؤمَّنَّ فاجرٌ مؤمناً، ولا أعرابيٌ مهاجراً»، وعنه ÷ أنه قال: «لا يؤمنكم ذو جرأة في دينه».
  ويستدل لذلك أيضاً بما رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه عن أبي سهلة من أصحاب النبي ÷: أن رجلاً أمَّ قوماً فبصق في القبلة - ورسول الله ÷ ينظر - فقال رسول الله ÷ حين فرغ: «لا يصلي بكم هذا»، فأراد بعد ذلك أن يصلي بهم فمنعوه، وأخبروه بقول رسول الله ÷، فذكر ذلك لرسول الله ÷، فقال ÷: «نعم»، وحسبت أنه قال: «إنك آذيت الله ورسوله».
  ومثله رواه الطبراني في الكبير - بسند جيّد - عن عبدالله بن عمر، عن النبي ÷. اهـ من حاشية على المنحة.
  هذا، وأما ما يُرْوَى عن النبي ÷ من أنه قال: «صلّوا خلف كل برّ وفاجر»، و «صلّوا خلف مَنْ قال لا إله إلا الله» - فقال الجلال في ضوء النهار: إن طرق ذلك كلها ضعيفة وواهية.
  هذا، ومن المعلوم في دين الإسلام أن الفاسق يجب أن يُهَان ويُقاطَع ويُعَادى حتى يتوب ويرجع إلى الله، وبناءً على ذلك فلا يجوز تشريفه وتكريمه ورفعه بأن يقدم لإمامة الصلاة؛ لمنافاة ذلك ما علم من وجوب إهانته ومعاداته.
  هذا، وقول ابن الأمير: إن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته، واستدلاله على ذلك بما ثبت من الحثّ على الجماعة - غيرُ صحيح؛ لما قدمنا من الأدلة، ومنقوض عليه أيضاً؛ وذلك لأن المرأة تصحّ صلاتها لنفسها، ولا تصح إمامتها بالرجال، والمقعد والمتيمم وناقص الطهارة وناقص الصلاة تصحّ صلاتهم لأنفسهم، ولا تصح إمامتهم بضدهم عند الكثير من العلماء من أهل البيت وغيرهم.
  هذا، والحث على الجماعة لا يدل على الصلاة خلف الفساق.