من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فائدة في أمور الأديان

صفحة 272 - الجزء 3

  قلنا: كتب فرق الإسلام متوفرة، وفيها حكايات مذاهب المجتهدين من الأولين والآخرين من أهل البيت $ وغيرهم، وعليه فيمكن معرفة الإجماعات من خلال هذه الكتب.

  فإن قيل: يحتمل أن هناك مجتهدين لم تدون مذاهبهم؛ إما لعدم شهرتهم، أو لعدم المعرفة بمذاهبهم، أو لغير ذلك.

  قلنا: يكفي في حصول الإجماع اتفاق من ظهر قوله واجتهاده من الأئمة والمجتهدين، أما من لم يعرف مذهبه لسبب أو لآخر فمذهبه لنفسه، ووجوده كعدمه، وحجة الله قائمة بالمعلنين للحق الناشرين له في الناس.

  فإن قيل: يمكن أن الحق مع أولئك الذين لم تعرف مذاهبهم.

  قلنا: إذاً لضاع الحق وبطلت حجة الله، وذلك لا يجوز، وقد قال ÷: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين ...» الحديث.

  وبعد، فإن المسلمين قد تقررت مذاهبهم واستقرت، فللشافعية مذهب مشهور لا يخالفه مجتهدوهم، وكذلك الحنفية والمالكية والحنبلية، وللشيعة الإمامية مذاهب مذكورة في كتبهم يمكن الاطلاع عليها بسهولة، وللزيدية مذهب معروف، ولأفرادهم مذاهب مسطورة يمكن معرفتها، وللظاهرية ومن حذا حذوهم مذاهب مدوّنة يمكن للمجتهد معرفتها بسهولة مع توفر الكتب.

  وبناءً على ما ذكرنا فلا يجوز للمجتهد المخالفة لما ظهر من الاتفاق والإجماع، ومن هنا يذكر الأصوليون من شروط الاجتهاد معرفة مسائل الإجماع.

  وبناءً على ما ذكرنا فينبغي أن يكون معنى ما ذكره الأصوليون من حقيقة الإجماع: أنه اتفاق مجتهدي أمة محمد ÷ في عصر ... إلخ: هو اتفاق من عرف مذهبه وعرف اجتهاده، أما المغمور الذي لا يؤبه له أو المتكتم بمذهبه فلا عبرة به، وليسوا بشهداء على الناس كما قدمنا، ومن هنا لعن الله تعالى في كتابه الكريم كتمة العلم والهدى، فقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ