الأدلة الشرعية
  الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ١٦٠}[البقرة].
  نعم، يذكر علماء الفقه الاستدلال بالإجماع والاتفاق كثيراً في كتبهم كالإمام المهدي وغيره، وفي ظني أن مرادهم هو ما ذكرنا.
  فإن قيل: دعواك هذه لم يدعها أحد من أهل العلم، ولا ذكرها الأصوليون فهي دعوى مردودة لشذوذها.
  قلنا: لسان حال أئمة الفقه ونقلة المذاهب تصدق ما ذكرنا وتذهب إليه، والشاهد على ما نقول: استدلالهم بالإجماع والاتفاق كثيراً، ونكاد نقطع ونجزم بأن مرادهم اتفاق وإجماع من ذكرنا لا غير، وحاشاهم أن يريدوا إجماع من عرف مذهبه ومن لم يعرف، ومن نقل مذهبه ومن لم ينقل.
  نعم، كما شككوا في ثبوت الإجماع كما قدمنا فقد شككوا في الأدلة الدالة على حجة الإجماع كما ذلك مذكور في حواشي شرح الغاية.
  وهذا جواب إجمالي على تلك التشكيكات فنقول وبالله التوفيق:
  قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المائدة ٣]، والدين: هو حجة الله على خلقه، وهذه الحجة ما زالت في كل عصر وإلى اليوم، ولن تزال إلى ما شاء الله، وعلماء الأمة في كل عصر هم حملة هذا الدين المتكامل وتراجمته، فإذا أجمعوا على حكم معين في مسألة واتفقوا على أنه حكم الله كان ما حكموا به وأجمعوا عليه هو حكم الله حقاً، وإلا لبطلت حجة الله في تلك المسألة وضاع الحق، ولنقص ذلك الكمال الذي تحدث الله عنه.
  فإن قيل: لا يلزم ما ذكرتم، فقد يجمعون على خطأ مع قيام الدليل الدال على خلاف ما أجمعوا عليه.