[جواز الخلاف في المسائل الفرعية الاجتهادية]
  تضمنته كما ينبغي إلا برسوخ القدم في علوم اللغة العربية.
  وذلك لأن القرآن والسنة عربيان لا تتأتى معرفة ما يراد كما ينبغي إلا من عارف باللغة، فإن لتراكيب كلام العرب أسراراً لا يهتدي إليها إلا الراسخ في علم اللغة العربية بما فيها علم المعاني والبيان.
  وما أوقع الظاهرية في العمل بالظواهر إلا جهلهم بأسرار بلاغة لغة العرب.
  وخلاصة القول: أن القرآن والسنة جاءا على لغة العرب، ومعرفة المقصود منهما متوقف على معرفة لغة العرب من جميع جوانبها: المفردات، النحو، البلاغة.
[جواز الخلاف في المسائل الفرعية الاجتهادية]
  سؤال: ما هو الدليل على أن الخلاف في المسائل الفرعية الاجتهادية جائز؟
  الجواب: الدليل على ذلك: قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، فإذا بحث العالم المجتهد واستقصى في النظر والتأمل فصار به نظره واجتهاده إلى حكم، والمجتهد الآخر صار به اجتهاده في نفس المسألة إلى حكم مخالف لذلك الحكم الذي صار إليه المجتهد الأول وجب على كل واحد منهما القول بما أداه إليه نظره واجتهاده.
  وخطأ أحدهما في إصابة الحكم خطأ معفو عنه بدليل قوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥].
  فإن قيل: هل يسوغ لأحد أن يقول: إنه يجب على المختلفين أن يتركوا الاجتهاد في المسائل الخلافية ويعرضوا عن مذاهبهم الاجتهادية لما علم من ذم الله تعالى للخلاف والمختلفين في القرآن الكريم، ولما علم أن الله تعالى قد أكمل دينه في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين ÷، ولو أن الله تعالى كلف عباده بالأحكام التي اجتهد المجتهدون في تحصيلها ووقع خلاف فيها لبينها الله في كتابه أو على لسان رسوله ÷ كغيرها من الأحكام الفرعية المبينة في الكتاب أو في السنة؟