من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فوائد في المعاملات

صفحة 315 - الجزء 3

  فإن قيل: هل يلزم الذي يمدح بما ليس فيه أن يبين للسامعين أن ذلك المدح خلاف الواقع أم لا يلزمه؟

  فيقال: لا يجب على الممدوح أن يبين كذب المدح، وذلك:

  ١ - لعدم العلم بتعمد المادح للكذب، فلعل المادح توهم ذلك أو ظنه، أو أخبره مخبر.

  ٢ - أنه لا يترتب على ذلك ضرر أو مفسدة على أحد.

  ٣ - لما في بيان كذب المدح من التجريح للمادح، والظاهر من المادح أنه لا يريد بمدحه إلا خيراً، ولا يجوز مقابلة إحسانه بالإساءة إليه، وخطؤه في المدح لا يخرجه عن كونه محسناً، وقد قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ٦٠}⁣[الرحمن]، وقال تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}⁣[النساء: ٨٦].

  وما روي عن أمير المؤمنين # من قوله للذي بالغ في مدحه: (أنا دون ما تقول، وفوق ما في نفسك)، فهو أنه # كان يعلم أن مادحه منافق خبيث، فلم يتحرج # من بيان كذبه وبيان نفاقه، وجوابه # هذا يشتمل على الأمرين معاً:

  ١ - بيان كذبه (أنا دون ما تقول).

  ٢ - بيان نفاقه (وفوق ما في نفسك)، لعلمه # بسوء عقيدة المادح في شخصيته #.

  إذا وصل المدح إلى حد الغلو المذموم فيلزم إنكاره، وذلك مثل ما روي أن شاعر الإمام الحسن بن زيد # مدحه في يوم المهرجان فقال:

  الله فرد وابن زيد فرد

  فنهره # وزجره وسجد الإمام عند ذلك لله خضوعاً وتواضعاً، وقال لشاعره قل: الله فرد وابن زيد عبد.