التضرع في الدعاء
  ولما فيه من الاعتراف لله تعالى بأن أزِمّة الأمور كلها بيده، ومصادرها عن الله وحده هو الهادي والمعين والموفق والرازق والحافظ، و ... إلخ.
  وهذا هو معنى الإيمان الحي في المكلف، وهو الذكر الأكبر الذي قاله الله تعالى في كتابه: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ}[العنكبوت: ٤٥]، هكذا قال الهادي #.
  ولوجود ذلك الشعور لدى المؤمن، وامتلاء نفسه به يطفح اللسان بذكر الله والدعاء من غير كلفة، ولا عزم ولا إرادة.
التضرع في الدعاء
  قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ٥٥}[الأعراف]:
  أوجب الله تعالى في الدعاء أن يكون:
  ١ - بالتضرع.
  ٢ - وأن يكون بالخفية.
  والتضرع هو التذلل عند الدعاء، وهو أن تكون هيئة الداعي في صوته وفي أركان جسمه على صورة تستدعي العطف عليه والرحمة له.
  وتماماً كما ترى بعض الذين يسألون الناس كيف يتمظهرون عند السؤال بمظهر الذلة والحاجة والفقر، كي يرثى لهم الناس، ويتعطفوا عليهم.
  والله تعالى يريد من عباده أن يظهروا في دعائهم له بمظاهر الذلة والمسكنة والفقر والحاجة، ومع التضرع يحب الله تعالى أن يكون ذلك الدعاء والتضرع في السر والخفية؛ لأن الدعاء في السر والخفية أبلغ في صدق الدعاء، وأسلم للداعي من الرياء وحب الثناء من الناس، وبإخفاء الدعاء وإسراره والابتعاد به عن أعين الناس تنسد منافذ الشيطان ومداخله، التي ربما أفسد من خلالها الدعاء، وأدخل الداعي في حبائل الرياء.
  وقوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} معناه: إنه تعالى لا يحب الذين يتجاوزون حدود ربهم التي حدها لهم في كتابه وعلى لسان رسوله ÷ في كل صغير وكبير،