[في الجهر بالدعاء]
  ومن تلك الحدود ما حدها لهم في الدعاء في هذه الآية، وهو أن يكون الدعاء بتضرع واستكانة وتذلل، وأن يكون في السر بعيداً عن أسماع الناس وأبصارهم.
  ومن الاعتداء في الدعاء أيضاً الدعاء بما لا يجوز في حكم الله، وبما لا ينبغي أن يفعله الله تعالى.
  وليس من الاعتداء الإكثار من الدعاء كما قاله بعضهم؛ لأن الدعاء من ذكر الله ومن عبادته وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ٤١}[الأحزاب]، ولأن النبي ÷ كان يكثر الدعاء، وروي ذلك عنه يوم بدر.
  وروي عن أمير المؤمنين # أدعية طويلة، وأكثر أدعية الصحيفة السجادية مروية عن أمير المؤمنين #؛ ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج.
[في الجهر بالدعاء]
  الجهر بالدعاء ورفع الصوت به مكروه إلا في مواضع:
  - في الاستسقاء، وفي عشر ذي الحجة، والدعاء في الحج، ودعاء المظلوم. انتهى من حواشي شرح الأزهار.
  - قلت: وهذا لأدلة خاصة وردت في ذلك، وإلا فالأصل أن الدعاء يكون سراً؛ لقوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً}[الأعراف: ٥٥]، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ٢٠٥}[الأعراف].
  دليل رفع الدعاء في الحج: ما روي عن النبي ÷ من قوله في الحج: «هو العج والثج» أو كما قال، والعج: هو رفع الأصوات.
  وفي المظلوم: قوله تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}[النساء: ١٤٨]، فقد رخص الله تعالى للمظلوم أن يجهر بسوء القول في ظالمه؛ فبالأولى أن الله تعالى يحب رفع القول والجهر به بالدعاء على الظالم الذي لا شك في حسنه.