من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حديث أبي هريرة والجني الذي يسرق عليه الزكاة]

صفحة 410 - الجزء 3

  وقد روي عن أبي هريرة أن النبي ÷ قال لسمرة ولأبي هريرة ولرجل ثالث: «آخركم موتاً في النار».

[حديث أبي هريرة والجني الذي يسرق عليه الزكاة]

  في البخاري حديث أبي هريرة: وكلني رسول الله ÷ بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله ÷، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة؛ فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي ÷: «ما فعل أسيرك البارحة؟» قال: قلت يا رسول الله شكا حاجة شديدة وعيالاً فرحمته، فخليت سبيله، قال ÷: «أما إنه قد كذبك وسيعود ... إلخ».

  وفيه: أنه عاد مرة ثانية فخلاه أبو هريرة، ثم عاد مرة ثالثة فخلاه أبو هريرة، وفي آخره: فقال النبي ÷: «أما إنه قد صدقك وهو كذوب؛ تعلم من تخاطب من ثلاث ليال يا أبا هريرة؟» قال: لا، قال: «ذاك شيطان» اهـ.

  قلت: يظهر لي أن هذه القصة مصنوعة؛ لأمور:

  ١ - أن العاقل وإن خُدِع مرة فلا يخدع مرة ثانية وثالثة، ولا سيما بعد تحذير النبي ÷.

  ٢ - أن الجن والشياطين لا يأكلون طعام البشر، ولا حاجة لهم إلى سرقه وانتهابه؛ وذلك أنه ليس لهم أجسام ترابية كما في البشر وسائر الحيوانات، وإنما هم أرواح وأجسامهم لطيفة لا تُرى؛ بدليل قوله تعالى: {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}⁣[الأعراف: ٢٧].

  ٣ - لو كانوا في حاجة للطعام المعروف والثمار لأمكنهم أن يأكلوا من رؤوس الأشجار ومن البراري والقفار، ولما احتاجوا إلى تكلف الدخول إلى مخزن أبي هريرة، والاعتذار عنده! ودعوى الحاجة و ... إلخ.

  ٤ - المعروف أن ظهور الشيطان والجن للإنسان والمحادثة معهم والمجادلة