من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حديث البخاري عن علي # أنه أول من يجثو يوم القيامة للخصومة]

صفحة 429 - الجزء 3

[حديث البخاري عن علي # أنه أول من يجثو يوم القيامة للخصومة]

  في البخاري، عن علي بن أبي طالب ¥: أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، وقال قيس بن عباد وفيهم أُنزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ ...}⁣[الحج: ١٩] قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر: حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبه.

  وروى أيضاً مثل ذلك عن أبي ذر من ثلاث طرق.

  قلت: كان ينبغي للبخاري أن يذكر مثل هذه الآثار في باب فضل علي وفضل حمزة وفضل عبيدة بن الحارث؛ لأن الله تعالى بين في تلك الآية ما أعد لكلٍ من الخصمين، فقال سبحانه وتعالى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ ١٩ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ٢٠ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ ٢١}⁣[الحشر]، ثم أخبر تعالى ما أعد للخصم الثاني من دخول الجنة والأنهار واللؤلؤ والحرير، وأنهم هدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد.

  فقد تضمنت هذه الآثار أن أولئك الثلاثة أول من يجثو للحساب يوم القيامة، وذلك يدل على زيادة فضلهم، وأنهم دون سائر الصحابة مخصوصون بالوعد بالجنة وأنهارها وحريرها ولؤلؤها و ... الخ، وذلك دليل فضلهم وتميزهم على سائر الصحابة، وقد وعد الله أصحاب نبيه بالوعد الجميل ولكن ذلك على سبيل العموم، وفرق بين التخصيص والتعميم وذلك معلوم.

  نعم، قول علي #: (أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة) لعل السبب في ذلك كثرة ما وقع بينه وبين خصومه من الدماء، من ذلك: ... ما وقع بين يدي رسول الله ÷ في بدر وأُحُد والخندق وخيبر والطائف وغير ذلك فقتلاه # في تلك المواطن كثيرة لا تكاد تحصى.

  ومن ذلك ما وقع من القتلى يوم الجمل.