من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حديث البخاري عن علي # أنه أول من يجثو يوم القيامة للخصومة]

صفحة 430 - الجزء 3

  ومن ذلك ما وقع من القتلى بصفين.

  ومن ذلك ما وقع من القتلى بينه وبين الخوارج.

  وقد يقال: قد وقع الوعد بالجنة لأهل بدر جميعاً فيما رواه البخاري وغيره: «لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو فقد غفرت لكم».

  قلنا: في الحديث نظر من وجوه:

  ١ - أن «لعل» للترجي ولا تفيد القطع بذلك.

  ٢ - أن قوله: «اعملوا ما شئتم» أمر لأهل بدر بعمل ما شاءوا من المعاصي، وذلك يقتضي إباحتها لهم؛ لأن أقل معاني الصيغة هنا الإباحة، وإن كان النقاش مع الظاهرية فالأمر للوجوب وحينئذ فتكون المعاصي مباحة لأهل بدر أو واجبة عليهم، ولا يقول بذلك مسلم.

  ٣ - أن الصحابة لم تعمل بمضمون هذا الحديث طيلة حياتهم فجلد عمر قتادة بن مظعون لما شرب الخمر، ومن قبل ذلك جلد النبي ÷ حساناً ومسطحاً و ... إلخ، ومسطح ممن شهد بدراً كما في البخاري.

  ٤ - في الحديث إغراء لأهل بدر بالمعاصي، ودعوتهم إلى فعلها، وذلك متنافٍ مع دين الإسلام الذي يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث.

  ٥ - قد اشتهر عند أهل السنة أن المبشرين بالجنة عشرة وخصّوهم بهذه الفضيلة دون غيرهم، مما يدل على أنه لا صحة لعموم البشرى بالجنة لأهل بدر مع زيادة فضيلة وهي التفويض لهم بعمل ما شاءوا من غير حساب عليهم في ذلك.

  ٦ - في البخاري: وقال كعب بن مالك: «ذكروا مرارة بن الربيع العمري وهلال بن أمية الواقفي رجلين صالحين قد شهدا بدراً» والمشهور أنهما تخلفا في غزوة تبوك، فأمر الرسول ÷ بمقاطعتهما وهجرهما حتى ضاقت