[التواضع]
  ومن المتوقع أن الدعوة في آخر الزمان ستلقى شدائد ومصاعب أشد مما لقيته الدعوة في الزمن الأول، وقد روي عن النبي ÷ أنه قال: «بعثت بين جاهليتين أخراهما شر من أولاهما». هذا معنى الحديث أو لفظه.
المودة والثقة
  الحصول على مودة الناس للإنسان وثقتهم به مطلبان يتمنى الإنسان الحصول على ذلك ويسعى في اكتسابهما ويسوءه فوات شيء من ذلك أو نقصه، وربما حسد الحاصلين على ذلك، وحقد عليهم وعاداهم، وابتغى لهم الغوائل، وكل ذلك من أجل فوزهم بالحصول على مودة الآخرين وثقتهم، وفوات ذلك عليه.
  هذا، وقد أرشد الله تعالى عباده إلى الطريق المؤدية للحصول على تلك الغاية المتمناة، وذلك المطلب الكريم، فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ٩٦}[مريم]، وقال سبحانه وتعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ٤٤}[الزخرف]، أي شرف لك ولقومك.
  إذاً فالطريق هي في الإيمان والعمل الصالح.
[التواضع]
  يظهر لي أن التواضع قرين الإيمان في الفضل، فالتواضع والإيمان أفضل الأعمال على الإطلاق، يدل على ذلك أمور:
  ١ - أن الله سبحانه وتعالى قال في آخر البقرة: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا}، فقرن سبحانه وتعالى السمع والطاعة بالإيمان، والسمع والطاعة أثران من أثر التواضع ودليلان من دلائله، إذ لا يصدر السمع والطاعة إلا من المتواضعين.
  ٢ - أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر في سورة الفرقان صفات عباد الرحمن الذين هم عباد الرحمن حقاً صدّر تلك الصفات بصفة التواضع فبدأ بذكرها قبل