من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

المراء

صفحة 507 - الجزء 3

  فإن كان الدافع للمسلم إلى العمل بالطاعة هو طاعة الله تعالى والثواب، ثم عرض له من بعد ذلك محبة أن يطلع عليه، وأن يثنى عليه بذلك العمل لزمه أن يدافع هذا العارض وألا يستجيب له.

  فإن استجاب له وعزم في قلبه أن يطلع الناس عليه لينال الثناء وحسن الذكر - حبط عمله وفسد؛ لأن الأعمال بخواتمها.

  فإن لم يحصل إلا محبة الثناء من غير عزم ولا نية على إطلاع الناس، فليس عليه بذلك حرج؛ لأن النفس مجبولة على حب الثناء، وليس في وسعه أن يتخلص من الطبيعة.

  وإذا اطَّلع الناس على عمله من غير سعي منه وأثنوا عليه، فسُرّ بذلك وفرح؛ فلا يضره فرحه وسروره، غير أن اللازم عليه أن يحذر في المستقبل من أن يطلب بعمله مثل ذلك الثناء.

  وليس من الرياء أن يعمل المسلم الطاعة طلباً لما عند الله تعالى، ومن أجل أن يقتدي به غيره.

المراء

  حقيقته: طعنك في كلام غيرك لإظهار خلل فيه؛ لغير غرض سوى تحقير قائله، وإظهار مزيتك عليه.

  والخصومة: لجاج في الكلام ليستوفي به مالاً أو غيره، ويكون تارة ابتداءً وتارة اعتراضاً، والمراء لا يكون إلا اعتراضاً.

  وقد جاء النهي عن المراء في حديث مروي عن النبي ÷: «لا تمار أخاك ولا تمازحه، ولا تعده موعده فتخلفه»، «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم»، «ذروا المراء لقلة خيره، ذروا المراء فإن المؤمن لا يماري ...».

  أما مناظرة أهل العلم للفائدة فليست داخلة في النهي.

  قوله في الحديث: «ولا تعده موعداً فتخلفه»، المعنى فيه: