التطير
  فليس في ذلك بدعة؛ إذ لم يتجاوزوا حدود ما أذن الله تعالى به وشرعه، فالتوسل إلى الله تعالى بالطاعات مشروع، وتلاوة القرآن مشروع، وطلب المغفرة والرحمة للميت المؤمن مشروع.
  فإن قيل: إنه لم يرد في الكتاب ولا في السنة التلاوة إلى روح الميت في العزاء، فإذا لم يرد كذلك كان بدعة.
  قلنا: قد أمر الله تعالى بالتوسل وبتلاوة القرآن أمراً مطلقاً غير مقيد بوقت ولا بحالة، ولا لغرض أو طلب فدل ذلك بإطلاقه على مشروعية التوسل بالقرآن وبغيره من الطاعات لطلب المغفرة والرحمة، أو لطلب الشفاء والعافية، أو لطلب الانتقام من العدو، أو لطلب الحفظ والسلامة، أو لغير ذلك من المنافع الدينية والدنيوية والأخروية.
  ويؤيد ما ذكرنا من أن الطاعات وسائل لنيل المنافع الدينية والدنيوية - قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ...}[الطلاق]، ولقوله تعالى: {وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ١٦}[الجن]، وقوله تعالى: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ ٣ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ...}[نوح]، وقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢}[نوح]، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ...}[الأعراف: ٩٦]، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ...}[المائدة: ٦٦].
  وفي الأثر: «داووا مرضاكم بالصدقة»، و «استنزلوا الرزق بالصدقة» ... إلى غير ذلك من القرآن والسنة.
  هذا، ويدل على أن قراءة القرآن إلى روح الميت ليس ببدعة، أن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالصلاة على موتى المؤمنين، وصلاة الجنازة هي استشفاع للميت عند