من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم ذي الطبع الحساس كثير الشكوى من أفعال أصحابه وأقاربه]

صفحة 554 - الجزء 3

  المؤمنين يعود إلى نفس طبيعة المؤمن، فقد يكون في المؤمن غفلة لا يتنبه معها إلى ما يضجر إخوانه وأصحابه من المؤمنين، فيسترسل فيما يضجرهم من الأقوال والأفعال من غير شعور منه بأن ذلك يضجرهم ويقلقهم، ويتكرر فيه ذلك ولا ينقطع وإذا نبه لا ينتبه، ولا شك أن مثل ذلك ينفرهم منه، ويتسبب في كراهتهم له.

  - أما المؤمن النبيه المتيقظ فإنه بفطنته ونباهته يتجنب ما ينفر أصحابه وما يقلقهم، ولا يأتي من الأقوال والأفعال إلا ما يطيب لهم، فيتسبب ذلك في ميل قلوبهم إليه ومحبتهم له.

  ويسمى الرجل الأول باسم «الثقيل» في عرف أهل اللغة، ويسمي الثاني باسم «الخفيف».

  والثقيل معذور عند الله لا يلحقه إثم فيما يصدر منه من الإزعاج للناس وإدخال الضيقة عليهم؛ لأنه غير متعمد لذلك، بل لا يدري أنه يتسبب في أذى الناس وإدخال الضيق عليهم على الإطلاق حتى ولو أخبره الناس بذلك فإنه لا يصدق.

  - وقد قرأت: أن الثقيل إذا عرف وأدرك أنه يثقل على صاحبه أو أهل مجلسه فليس بثقيل.

[حكم ذي الطبع الحساس كثير الشكوى من أفعال أصحابه وأقاربه]

  سؤال: إذا كانت طبيعة المكلف حساسة بحيث أنه يتأول أفعال أصحابه وأقاربه وأقاويلهم أن المراد بها الاستخفاف به والاحتقار له ثم يكثر الشكاية منهم والإعراض عنهم، فهل يؤاخذ على ذلك؟

  الجواب: تلك الطبيعة هي ناتجة عن نقص في العقل؛ إذ أن كامل العقل وإن سمع من صاحبه أو جليسه أو صديقه أو قريبه ما يوهم الاحتقار له فإنه لا يعول على ذلك الوهم، ولا يلتفت إليه، وإذا كان الأمر كذلك فالأقرب أن لا يؤاخذ عليه؛ لأن الله تعالى يحاسب الناس على قدر عقولهم، فلا يحاسب ناقص العقل مثل