من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

مجلس: علم القضاء في القرآن

صفحة 571 - الجزء 3

  كل ذلك الذي تمنن الله تعالى به على عباده يتوقف حصوله على العلم الخاص به، وهذا العلم الخاص لا يوجد في القرآن وإنما يحصل بالتعلم له عند ذوي الخبرة المختصين.

  فلم يعلمنا الله تعالى في القرآن كيف ننسج الملابس من خيوط دودة القز، ولا كيف نصنعها من شعر الغنم والإبل والماعز، ولا كيف نتوصل إلى بناء البيوت من الجلود، ولم يعلمنا كيف نصنع القراطيس والحبر والأقلام.

  ومن هنا تعرف أن القرآن وحده لا يكفي للوصول إلى ما يريده الله تعالى لعباده من الانتفاع بما مَنَّ به عليهم مما ذكرنا.

مَجْلِسٌ: علم القضاء في القرآن

  قال تعالى: {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ...}⁣[ص: ٢٦].

  {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ...}⁣[المائدة: ٤٩].

  {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}⁣[الأنعام: ١٥٢].

  {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}⁣[النساء: ١٣٥].

  يؤخذ مما ذكرنا:

  ١ - أنه لابد لمن يتصدر للقضاء أن يكون عالماً بما أنزل الله تعالى في القرآن من الشرائع والأحكام: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ}؛ لأنه لا يمكن للقاضي أن يحكم بما أنزل الله تعالى إلا إذا كان عالماً به.

  ٢ - أن يكون القاضي عدلاً ملتزماً بالتقوى والورع؛ لأن الله تعالى جعل العدالة شرطاً في الشاهد وإلا لم تقبل شهادته، فالقاضي أولى باشتراط العدالة، وإذا كان القاضي في نفسه غير عدل فكيف يتأتى منه أن يحكم بالعدل والحق؟!