من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم الشراء بالزكاة حبا أو دقيقا للفقراء]

صفحة 249 - الجزء 1

  له في جميع ذلك كفاية كافية للسنة.

  أما اليوم فإن الفقير لا يأخذ إلا الفلوس تقريباً، فزكاة الحبوب والإبل والبقر والغنم وغيرها قليلة، وقدر المائتين من الدراهم لا يكفي إلا أياماً قليلة.

[حكم الشراء بالزكاة حباً أو دقيقاً للفقراء]

  سؤال: هناك بعض التجار يخرج فلوس الزكاة ويشتري بها أكياس حب أو دقيق، ثم يوزعها على الفقراء ويقول: إنه لو أعطى زكاته نقداً للفقراء لضيعوها فيما لا ينفع كالقات والدخان، وفي الحب والدقيق منفعة كبيرة لهم ولأهلهم؛ فهل ذلك جائز وصحيح؟

  الجواب والله الموفق: أن الذي يظهر لي أنه لا مانع من ذلك في زكاة أموال التجارة حيث قد قال أهل المذهب: إنه يجوز إخراج القيمة في زكاة سلع التجارة، وحيث قالوا: إنه يصح الوقف والنذر بالأرض عن المظالم وحقوق الله تعالى.

  والمعلوم أن المظالم وحقوق الله تعالى مختلفة في أجناسها، فقد تكون المظلمة نقداً، وقد تكون ثياباً، وقد تكون حيواناً، و ... إلخ، وكذلك حقوق الله تعالى، فقد تكون زكاة تجارة، وقد تكون زكاة مواشي، وقد تكون زكاة حب، و ... إلخ، فقالوا: إن وقف غلة الأرض على نية التخلص من شيء من ذلك صحيح.

  فقد جعل أهل المذهب الحب الذي تغله أرض الوقف أو النذر قيمة مجزية عن الواجب في الذمة من حقوق الله تعالى أو من حقوق العباد، سواء أكان نقداً أم غير نقد.

  فإن قيل: أهل المذهب إنما أجازوا ذلك وصحّحوه بعلّة أن الحقوق يجب تسليمها بأعيانها إلى أهلها، فإذا تلفت قبل التسليم تعذر تسليمها بأعيانها، وحينئذ يكون الواجب تسليم القيمة، وفيما ذكرتم لا يوجد تلف ولا تعذر.

  قلنا: المطلوب فيما ذكرنا من كلام أهل المذهب هو أنهم جعلوا الحب قيمة، واستدلالنا بكلامهم إنما هو لإثبات ذلك.