ترك الحج لعذر، وحكم التداوي، وحكم تمني الموت
  حداً لا تستطيع معه أن تقف على الراحلة فإن الحج يسقط عنها، أو يبلغ بها حداً يساوي ذلك في الشدة والمشقة.
  والذي أرى لمثل هذه المرأة أنه يجوز لها التأخير، ولا يسقط عنها وجوب الحج؛ وذلك أن مرض الدوخة والدفع الحاصل من ركوب السيارة مرض عارض له علاج؛ فمن أجل حصول المرض قلنا: يجوز لها التأخير، ولأجل إمكان المعالجة قلنا: إنه لا يسقط الوجوب.
  هذا، وإذا أيست المرأة من القدرة على الحج بسبب هذا المرض الملازم فيجوز لها أن تستأجر من يحج عنها، فإذا قدرت بعد ذلك وزالت عنها العلة وجب عليها أن تحج بنفسها إذا كانت واجدة للمال اللازم للحج، وقد قيل: إنه لا يلزمها، غير أن الأولى لها والأحوط أن تحج.
  فإن قيل: هل يجب على من يحصل له مثل ذلك المرض المذكور عند ركوب السيارة أن يستعمل العلاج ليتمكن من الحج؟
  قلنا: يؤخذ من قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}[آل عمران ٩٧]، وجوب المعالجة، وذلك أن المريض المتمكن من علاج الدوخة مستطيع الوصول إلى البيت الحرام.
  وقد يقال: إن المرض عذر شرعي، عذر الله به المرضى، فقال سبحانه وتعالى: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ}[النور ٦١]، وقال: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة ١٨٤]، إلى غير ذلك من الآيات التي عذر الله تعالى فيها المرضى.
  ولم نر أو نسمع أن أحداً من العلماء يوجب التداوي على المريض لأجل الصوم، أو لأجل استكمال الطهارة والصلاة، أو لأجل الجهاد، أو لأجل حضور الجمعة، أو لنحو ذلك.