من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم تأخير الحج مع الاستطاعة]

صفحة 292 - الجزء 1

  فيقال في الجواب: وقت الحج بالنسبة للمكلف هو مدة عمره ولا خلاف في هذا بين العلماء، فمن حج من المكلفين في مدة عمره فقد أدى ما عليه، سواءً أكان ذلك في مقتبل عمره أم وفي وسطه، أم في آخره.

  وبناءً على ذلك فإن المكلف إذا كان في شبابه صحيحاً قوياً، والأمن مستقر لا يخشى على نفسه القتل، وحصل له بسبب ذلك ظن بالفسحة في عمره فإنه يجوز له تأخير الحج إلى سنة أخرى.

  أما إذا كان المكلف قد بلغ السنين الأخيرة من العمر، وأرهقه الضعف، ورأى العلل والأسقام تنتابه في الحين بعد الحين فإنه لا يجوز له تأخير الحج؛ لأنه لا يظن حينئذٍ بلوغ السنة الأخرى.

  وهكذا إذا كان الشاب مصاباً في أول عمره بالأمراض الخطيرة، وهو مستطيع للحج فلا يجوز له تأخيره، كبعض أمراض الكبد وأمراض السرطان، وما أشبه ذلك.

  وهكذا إذا كان الشاب يعيش في بلد يخشى على نفسه القتل؛ لعدم الأمن، ووجود الفوضى والقتال، وهو مستطيع للحج، فلا يجوز له تأخيره.

  وتلخيص ما تقدم: أن المكلف إن حصل له ظن بالبقاء إلى السنة الأخرى جاز، وإن لم يحصل له ظن بالبقاء لكبر أو مرض، أو خوف، لم يجز له تأخير الحج، هكذا قال بعض العلماء.

  فإن قيل: الشيخ الكبير وإن بلغ به الضعف ما بلغ، وتواردت عليه العلل والأسقام لا يضعف أمله في الحياة وطول العمر، بل ورد في الأثر: «يشيب ابن آدم ويشب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل»، فعلى هذا يجوز له تأخير الحج لأنه يظن البقاء وبلوغ السنة الثانية.

  فيقال في الجواب: ذاك ظن فاسد وأمل كاذب ولا عبرة به، ولو أن صاحب ذلك الظن الفاسد والأمل الكاذب روجع وذُكِّر لظهر له فساد ما أمله وظنه،