من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الحكمة في لبس ثوبي الإحرام

صفحة 304 - الجزء 1

  ٢ - كبح النفس عن الترفع والتعاظم والتكبر؛ فإن في ذلك اللباس ما يرد النفس عن هواها، وعن التطلع إلى مناها.

  ٣ - المحرم تصغر نفسه عن أن يفاخر كما كانت الجاهلية، فإنهم كانوا يتفاخرون ويتذاكرون مفاخر الآباء والأجداد والأحفاد، ويبالغون في ذكر المآثر والمكارم ... إلخ.

  ٤ - وفي تحريم الطِّيْب على المحرم تمام إظهار الذلة والمسكنة والشعور بذلك، فإن المحرم إذا كان في ذلك اللباس المتواضع وتفوح منه روائح العرق والوسخ تتزايد ذلته ومسكنته، وفي الأثر في وصف الحجاج بأنهم: «الشعث التفل⁣(⁣١)».

  ٥ - الطيب مما يساعد على تحريك الشهوة إلى النساء، وفي منع المحرم عنه الإبعاد لنفسه عن شهوة النساء وقطع دواعيها؛ ليتفرغ الحاج لعبادة ربه.

  ومن هنا قال تعالى: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}⁣[البقرة ١٩٧]، والرفث: هو الكلام الذي يكون بين الزوجين في السر، وجاءت السنة بتحريم عقد النكاح على المُحْرِم.

  ٦ - وتحريم مواقعة النساء؛ لما في مواقعتهنّ من الشغل الشاغل عن تأدية مناسك الحج كما ينبغي، فإن المحرم بتحريمهن يتوجه قلبه إلى ذكر الله وأداء فرائض حجه أو عمرته.

  ٧ - يمكن أن يقال: إن في اجتماع الحجاج - وهم في ذلك اللباس الأبيض المتواضع شعثاً غبراً - تذكيراً باجتماعهم للحساب، فإنهم يبعثون كذلك.

  نعم، يترتب على ما ذكرنا من الحكم والأسرار مصالح للمكلفين أعظمها كبح النفس عن التعظُّم والتكبر، وتقوية دواعي التواضع والتمسكن، وذلك من أكبر أسباب التواد والتراحم والتآخي.


(١) (تفل) تفلاً: تَغَيَّرت رَائِحَته، وَيُقَال: تفل فلَان - ترك الطّيب فتغيرت رَائِحَته فَهُوَ تفل، وَهُوَ وَهِي - أَيْضاً - متفال. المعجم الوسيط