من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

لبس المحرم للنظارات:

صفحة 307 - الجزء 1

  وقالوا في القمَّل: إنه يجوز قتلها للمحرم، والفرق بينهما أن القمْل من فضلات البدن وهو معه أمانة فلا يجوز قتلها، بخلاف القمَّل فهو من الأرض. انتهى من الشرح وحواشيه⁣(⁣١).

  قلت: قولهم: إن القمْل من فضلات البدن يعنون أنه كالسن والشعر والظفر، غير أنه لم يظهر أنه مخلوق من فضلات البدن، بل هو كغيره من الهوام والدواب، تبيض القملة ثم يفقس البيض فتخرج منه القمل، وعلى هذا فلا يظهر فرق بين القمْل والقمَّل.

  وإن أرادوا أن القمْل لشدة اختصاصه بالإنسان كأنه مخلوق من فضلات بدنه فلا يصح الفرق.

  وبعد، ففي الرواية المشهورة أن النبي ÷ أمر كعب بن عَجْرَة لما نزل قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}⁣[البقرة ١٩٦] - أمره أن يفدي بشاة أو أن يصوم ثلاثة أيام أو أن يتصدق على ستة مساكين، ولم يأمره النبي ÷ بكفارة لقتل القمْل الذي كان يتناثر على وجهه لكثرته، والمقام مقام تعليم، ولو كانت الكفارة لازمة لأَمَر بها النبي ÷.

  لذلك فالظاهر أنه لا يلزم في إلقاء القمل أو قتله كفارة؛ لعدم الدليل الدال على ذلك، وقياساً على القمَّل والكُتَان والبرغوث وسائر ما يضر.

  ويمكننا أن نعارض عليهم فنقول: قد قالوا بجواز الحجامة وعصر الدماميل⁣(⁣٢)، فيقاس إلقاء القمل وقتله - على تسليم أنه من فضلات البدن - على إلقاء الدم والقيح من الدماميل، بجامع أن كلاً من ذلك من فضلات البدن الضارة.


(١) شرح الأزهار ٢/ ٩٣، ٩٤.

(٢) شرح الأزهار ٢/ ٩٤.