الذي يقف مع الناس بدون تحر
  الجهة التي صلى إليها، فلما أصبحوا وجدوا الخطوط إلى غير القبلة؛ فنزل في شأن صلاتهم هذه الآية، فقبل الله صلاتهم إلى غير القبلة؛ لأنهم كانوا قد أدوا وسعهم في تحري جهة القبلة.
  وقال أهل المذاهب الأخرى: إن المتردد يقف مع الناس، ويجزيه ذلك ولو انكشف الخطأ، وعلى ذلك فسروا الحديث: «وعرفتكم يوم تعرِّفون».
الذي يقف مع الناس بدون تحرٍّ
  الذي يقف مع الناس بدون تحر ونظر في القرائن والأمارات - يصح وقوفه ولو انكشف الخطأ بعد، وهذا في العوام واضح على قول أهل المذهب؛ لأنهم قالوا: إن مذهب العامي مذهب من وافقه، وهذا العامي قد وافق قول من يقول بموجب حديث: «عرفتكم يوم تعرِّفون».
  وقول أهل المذهب: إنه إذا انكشف الخطأ في حق من وقف بدون تحر فإنه لا يصح وقوفه - يظهر لي أن مرادهم هو من كان من أهل النظر والبصيرة والمعرفة بالقرائن والأمارات، ويحسن الترجيح عند التعارض، أما العامي الصرف فغير مراد بذلك لقولهم في قواعد المذهب: إن مذهب العامي مذهب من وافق.
من جهة النظر:
  الحاج الذي ينكشف خطؤه في وقوف عرفة لأي سبب يستحسن النظر صحة وقوفه؛ لأن الحاج لا يتم له الحج إلا بتكاليف مالية كبيرة، ومشاق عظيمة، يتعرض فيها للأخطار والهلاك، ولا سيما في الأزمنة المتقدمة قبل وجود وسائل المواصلات، والأكثر من الناس لا يتهيأ له الحج، ولا يتيسر طوال عمره.
  فإذا حكمنا بفساد وقوفه وحجه في حين أنه قد تكلف التكاليف المالية الكبيرة وخرج من أهله وماله وخاطر بنفسه ملبياً لنداء الله؛ فلما بلغ بإذن الله مشاعر الحج وقف مع الآلاف المؤلفة بعرفات، وأفاض منها مع الحجاج، وإلى آخر مناسك الحج - إذا قلنا له: إن حجك أيها الرجل غير صحيح؛ لأنه انكشف