من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الذي يقف مع الناس بدون تحر

صفحة 329 - الجزء 1

  الخطأ في وقوف الناس يوم عرفة، لا شك أن هذا الحاج سيستنكر هذا الحكم، وينفر منه ويجد فيه قساوة عظيمة، ويحس في نفسه أنه مظلوم في هذا الحكم؛ لأنه خسر الأموال الكبيرة، وتعرض للمعاطب والمهالك، و ... إلخ، في غير فائدة ويعود إلى أهله منكسر الحال لفوات الحج عليه.

  وقد يتساءل الحاج في نفسه:

  من هو المسؤول عن فساد الحج؟

  هل الدولة وعلماؤها الذين أفتوا بالوقوف؟

  أم غيوم السماء التي منعت من رؤية الهلال؟

  وكيف أجمع الحجاج على الخطأ؟

  ومن سمع بمثل هذا يستنكر ويجد فيه قساوة شديدة.

  والمعروف أن دين الإسلام جاء بشرائع وأحكام مبنية على ما تعرفه العقول، وتأنس به الفطرة، بدليل قوله تعالى: {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ...}⁣[الأعراف: ١٥٧]، كما أنه جاء بنفي الحرج وجاء باليسر وبرفع الجناح في الخطأ، وبالحنيفية السمحة التكاليف، قال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ}⁣[المائدة: ٦]، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}⁣[الأحزاب]، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦]، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧]، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ١٠٧}⁣[الأنبياء]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن: ١٦].

  وبعد، فالمتردد في يوم الوقوف هل هو مثلاً الأحد أم الاثنين، فيكفيه لترجيح أحدهما:

  ١ - أن الدولة المسيطرة على المشاعر قد حكم قضاتها بتعيين واحد منهما.

  ٢ - وقوف الحجاج في أحدهما «وعرفتكم يوم تعرفون».