[كتاب الحج والعمرة وما يلحق بهما من أحكام]
  على أن السوق ليس من شروط الحج ولا واجباته، وإنما جاء الدليل على أن من ساق الهدي فإنه لا يفسخ إلى العمرة، بل يجب عليه أن يبقى على إحرامه إلى أن يبلغ الهدي محله، وذلك في قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة ١٩٦]، ومحله في الحج «منى» يوم العيد.
  وفي قصة إحرام علي # ما يدل على أن السوق ليس بشرط، وذلك أنه # قدم تلك السنة من اليمن، وأحرم في قدومه ذلك بإحرامٍ كإحرام رسول الله ÷، فلما قدم مكة أمره النبي ÷ بالبقاء على الإحرام، وفي تلك القصة أن النبي ÷ أشرك علياً # في الهدي، ولم يقل له النبي ÷: إن حجك قارناً غير صحيح لعدم السوق، بل أقره النبي ÷ على إحرامه، وأشركه في هديه.
  فأخذنا من هذه القصة الصحيحة أنه يشترط في صحة القران الهدي دون السوق، وهذا على فرض أن النبي ÷ حج قارناً، وهذا مع احتمال أن الهدي لم يجب لكونه قارناً بل لصيرورتها هدياً، فتكون إنما وجبت على النبي ÷ لذلك، ويستوي في هذا الوجوب: المفرد والقارن والمتمتع والمعتمر، ويكون وجوب الهدي على علي # إنما كان لأنه أوجب على نفسه وفرض عليها من الإحرام مثل إحرام النبي ÷، وفي إحرام النبي ÷ هدي، فلزم علياً # في إحرامه هديٌ لذلك.
  أما قول أهل المذهب: «إن من أحرم قارناً ولم يسق هدياً فإنه يضع إحرامه على عمرة» - فقول قويم، دليله أمر النبي ÷ من لم يسق هدياً بأن يضع إحرامه على عمرة.
  وقولهم: «إن من فسخ إلى العمرة لا يلزمه دم» قول صحيح أيضاً، دليله أن النبي ÷ لم يأمر الذين فعلوا ذلك بدم.