من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[كتاب الحج والعمرة وما يلحق بهما من أحكام]

صفحة 350 - الجزء 1

  فإن قيل: الظاهر أن من فسخ إلى العمرة قد صار متمتعاً فيلزمه ما يلزمه، وقد قال تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}⁣[البقرة ١٩٦].

  قلنا: كان ذلك هو الظاهر لولا وجود الدليل الدال على أن من فسخ إلى العمرة لا يلزمه ما يلزم المتمتع، وهو ما قدمنا ذكره.

  وبناءً على هذا فلا يصير المتمتع متمتعاً حتى يحرم بعمرة من الميقات متمتعاً بها إلى الحج، أما من أحرم بحج ثم فسخه ووضع إحرامه على عمرة فلا يكون متمتعاً وإن كان في الظاهر على صورة المتمتع.

  فإن قلت: هل يأثم من يحرم بحجة وعمرة معاً من غير سوق، وهو عارف أنه يشترط في ذلك سوق بدنة من موضع الإحرام، غير أنه أحرم كذلك من أجل أن يضع إحرامه على عمرة فيكون كالمتمتع من غير أن يلزمه ما استيسر من الهدي و ... إلخ.

  قلت: إذا كان الأمر كذلك فإن المحرم يكون متمتعاً، ويلزمه ما يلزم المتمتع؛ وذلك أن نيته من حين الإحرام أن يعتمر عند وصوله مكة ثم يتمتع بثيابه وغيرها إلى وقت الإحرام بالحج.

  فإن قلت: إنه لبى بحجة وعمرة معاً فكيف يكون متمتعاً؟

  قلت: لا عبرة باللفظ إذا خالف ما انطوى عليه القلب من النية والقصد، وفي الحديث: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى امرأة ينكحها أو دنيا يصيبها فهجرته إلى ما هاجر إليه».

  هذا، ولم يذكر في الشرح والحواشي هذه المسألة الأخيرة، والذي يظهر من كلامهم هناك أن من قرن الحج مطلقاً - سواء كان جاهلاً بالسَّوْق أم عالماً باشتراطه - وإنما فعل كذلك من أجل الفسخ فإنه يضع إحرامه على عمرة ولا يلزمه دم ولا بدله كما يلزم المتمتع، ولا يلزمه أيضاً دم للإساءة، والصحيح هو