[كتاب الحج والعمرة وما يلحق بهما من أحكام]
  فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ١٩٧}[البقرة].
  وقد يؤيد ما ذكرنا قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ٣٣}[محمد]، وقد فسروا ذلك بارتكاب الكبائر، وقالوا: إنها هي التي تبطل الأعمال.
  وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ٢٧}[المائدة].
  فعلى هذا الرجل المذكور في السؤال أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً، ويكثر من الاستغفار والندم، فإنه قد ارتكب إثماً كبيراً مضاعفاً؛ إذ أنه أضاف إلى كبيرة الزنا: انتهاك حرمة الإحرام وحرمة الحرم وحرمة الزمان، وعصى الله تعالى في إبطال الحج، وقد نهاه الله تعالى عن إبطاله في قوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ٣٣}، وعصى الله تعالى حين لم يتم فريضة الله التي أُلْزِم بتمامها في قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، فهذه عدة معاصٍ انتهكها لا يكفرها إلا التوبة النصوح، أما الدماء فلا تكفر مثل ذلك.
  ثم يلزمه من بعد التوبة أن يحج حجة أخرى مكان تلك الحجة، وذلك إن استطاع إلى الحج سبيلاً، وقد قال سبحانه وتعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، و {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}، وقال سبحانه وتعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن ١٦].
  وبعد، فإنما ذكرنا ما ذكرنا من الفتوى في حق هذا الرجل الجاهل بسبب جهله، ولما ذكره العلماء من أن العامي الجاهل له أحكام خاصة، منها: ما ذكروه من أنها تحمل أعماله التي عملها وهو معتقد لجوازها على الصحة مهما لم يخرق الإجماع، وقالوا: إنه كالمجتهد، وإلى آخر ما ذكروا.
  وفي حديث الحج قول الرسول ÷ لكثير من السائلين: «لا حرج، لا حرج» جواباً على من قال: قدمت أو أخرت جاهلاً.