من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[كتاب الحج والعمرة وما يلحق بهما من أحكام]

صفحة 354 - الجزء 1

  ولما أرشد الله تعالى إليه من التيسير والتخفيف في قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}⁣[النساء ٢٨]، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥]، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج ٧٨]، وفي الحديث: «يسّروا ولا تعسروا» أو كما قال.

  فلو أنا أفتينا مثل هذا الرجل على مقتضى المذهب وعلى حسب ما ذكروه لكنا قد عسرنا طريق التوبة على مريدها.

  ومما يزيد ما ذكرنا قوة ما جاء في الحديث عن النبي ÷ أنه قال: «التوبة تجب ما قبلها»، وما روي: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، وكذلك ما جاء في القرآن من بيان حكم الله تعالى على قاتل العمد وقاتل الخطأ، فإنه سبحانه وتعالى فرق بينهما، فجعل في قاتل الخطأ الكفارة، ولم يذكر في قاتل العمد إلا جزاء جهنم، وغضب الله عليه ولعنه، ولم يوجب تعالى فيه كفارة.

  ومثل ذلك اليمين الغموس، واليمين المعقَّدة، فجعل في الثانية الكفارة دون الأولى، فكل هذا يؤيد ما قلنا به وذكرناه.

  وبعد، فالمسألة اجتهادية؛ إذ ليس هناك دليل قاطع على الأحكام التي ذكرت في وطء المحرم لزوجته من الفساد والبدنة أو البدنتين ثم وجوب التمام والقضاء من قابل، وإن فرضنا قطعيتها فإنما هي في حق من وطئ زوجته لا في حق من فعل جريمة الزنا.

  فإن قيل: يقاس الزاني على واطئ زوجته.

  قلنا: القياس لا يصح لأمور:

  ١ - أن قياس الأشق على الأخف لا يصح عند كثير من العلماء.

  ٢ - أنه قياس في الأسباب، وقد منعه الكثير من العلماء.

  ٣ - ما ذكرنا سابقاً من الأدلة والأمارات، فارجع إليها.

  هذا، والذي يظهر أن كبائر العصيان تنافي الطاعة فلا يجتمعان، وهذه قاعدة