من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

(الشهود المعتبرين عند عقد النكاح)

صفحة 398 - الجزء 1

  وهكذا جميع العقود والإنشاءات إذا وقعت على هذه الصفة فإنه لا عبرة بظاهرها.

  وذلك كمن يريد أن يحرم بالحج مفرداً، فسأل غيره: كيف يحرم؟ فقيل له: قل اللهم إني محرم لك بالحج والعمرة معاً، أو محرم لك بالعمرة متمتعاً بها إلى الحج، فقال كذلك، ثم مضى في أعمال الحج المفرد؛ فإن حجه صحيح، ولا يلزمه ما تلفظ به مع الجهل.

  وهكذا سائر العقود والإنشاءات إذا تلقنها الجاهل.

(الشهود المعتبرين عند عقد النكاح)

  سؤال: قد لا تتوفر شروط العدالة الكاملة في أفراد بعض المجتمعات، أو يقل وجود العدل فيهم؛ فكيف يكون حال عقود أنكحتهم؟ وكيف يعمل المرء إذا حكَّمه أهل تلك البلاد في قضية يشهد فيها بعض أولئك الأفراد؟

  الجواب والله الموفق: أن اللازم أن يحكم لعقود أنكحة من كان كما ذكر بالصحة لعدة أمور:

  ١ - للضرورة، فإن لها أحكاماً تخالف أحكام الاختيار، ومن هنا أجاز الله تعالى شهادة الذميين في آية الوصية في سورة المائدة.

  ٢ - للجهل، فقد قال أهل المذهب: إن مذهب الجاهل مذهب من وافق ما لم يخرق الإجماع، فبناءً على هذا فما ذكر في السؤال لم يخرق الإجماع، بل قد وافق قول من يقول بصحة النكاح من غير شهود.

  ٣ - الذي يظهر لي أن العدالة المعتبرة في الشهود تختلف باختلاف المذاهب والملل والمجتمعات، فالعدل عند الزيدية غير عدل عند الأشعرية، وكذلك العكس، والعدل عند اليهود غير عدل عند النصارى وكذلك العكس، والعدل عند هذا الشعب أو عند هذه الدولة غير عدل عند غيرهما و ... و ... إلخ.

  وبناءً على اختلاف العدالة باختلاف المذاهب و ... إلخ فيحكم بصحة عقود أنكحة من ذكر في السؤال إذا كان الشهود عدولاً في ذلك المجتمع، وإن لم يكونوا عدولاً في مجتمع آخر أو عند أهل مذهب آخر.