من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فائدة (العدل بين الزوجات)

صفحة 418 - الجزء 1

فائدة (العدل بين الزوجات)

  قوله تعالى: {فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}⁣[النساء ١٢٩]، يؤخذ منه جواز الميل اليسير. والذي يجب من العدل بين الزوجات هو العدل في المبيت والنفقة، وقد روي أن عائشة قالت: كان رسول الله ÷ يقسم بين نسائه ويعدل ويقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك». ويمكن أن يفسر {كُلَّ الْمَيْلِ} بأن لا يعدل الزوج في: القسم والنفقة والمحبة، وإذا عدل في المبيت والنفقة دون المحبة فلم يمل كل الميل.

[في العدل في المبيت بين الزوجات]

  اشتهر أن سودة بنت زمعة زوجة رسول الله ÷ وهبت يومها من رسول الله ÷ لعائشة، وذلك أنها كانت قد كبرت وأسنت، فخافت أن يطلقها رسول الله ÷، فكان ÷ يقسم لعائشة قسمين قسمها وقسم سودة، وقد قالوا إنه نزل في ذلك قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ...}⁣[النساء: ١٢٨]، أي: والصلح خير من الطلاق.

  فإن قيل: فكيف الحكم إذا كانت الزوجة تضايق على الزوج في القسمة، وتطالبه بذلك، غير أن الزوج يتضايق جداً من المبيت عندها لكبرها، ولصفات وأسباب غير ذلك، بالإضافة إلى مرض نفسي، ولها أولاد منه وبنات كلهم كبار، والزوج يعلم أنها تحب البقاء في بيته عند أولادها، وأنها تتضايق جداً إذا باتت في غيره من بيوت أهلها؛ فالزوج في هذه الحال واقع في حرج لا يستطيع أن يقسم لها في المبيت، والطلاق سيلحق بها أضراراً كثيرة لا تحب هي الوقوع فيها، مع أن الطلاق لا يفيدها؛ لأنها لكبرها ومرضها لا يرغب الرجال في مثلها؛ فهل من اللازم على الرجل إما القسم لها أو طلاقها أو المصالحة كما فعلت سودة؟