من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم الطلاق واليمين بالكلمة إذا أطلقت وأريد بها معنى لا تحتمله]

صفحة 435 - الجزء 1

  وبناءً عليه فإن الذي يصدر من العوام من قولهم: «حرام وطلاق»، أو: «عليّ الطلاق» لا يقع به طلاق الزوجة ولو نوى بذلك طلاق زوجته؛ إذ النية لا تؤثر في باب الطلاق والنكاح والعتاق ونحو ذلك؛ إذ أن هذه الأحكام مترتبة على حصول أسبابها، وأسبابها لفظية كما قدمناه.

  ويشهد لما قدمنا من أن النية لا تؤثر في هذا الباب - الحديث المروي عن النبي ÷ وهو قوله ÷: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق والنكاح والعتاق» أو كما قال.

  فإن قيل: قد روي عن النبي ÷: «إنما الأعمال بالنيات».

  قلنا: السبب فيما نحن فيه لفظي، فيشترط نية اللفظ لا نية الطلاق؛ لما قدمنا من الدليل، فيكون قوله ÷: «إنما الأعمال بالنيات» مخرجاً لطلاق الصبي والمجنون والنائم ومن سبقه لسانه سهواً إلى الطلاق من غير قصد إليه.

[حكم الطلاق واليمين بالكلمة إذا أطلقت وأريد بها معنى لا تحتمله]

  في حديث رواه النسائي وغيره: «انظروا كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم؛ إنهم يشتمون مذمَّماً ويلعنون مذمَّماً، وأنا محمد». اهـ

  قلت: يؤخذ من ذلك: أن الكلمة إذا أطلقت وأريد بها معنى لا تحتمله أنه لا يترتب عليها حكم، ولا يجب بها شيء.

  وليس مرادنا أن قريشاً غير مؤاخذين بذلك الشتم، بل هم مؤاخذون، وإنما المراد نحو أن يقول الرجل مثلاً: والله لأضربن الكتاب، وأراد به رجلاً فإن هذه اليمين لا يترتب عليها حكم؛ لأن لفظ الكتاب لا يطلق على الرجل لا بحقيقته ولا مجازه، وهكذا إذا قال الرجل: الكتاب طالق، وأراد بالكتاب زوجته؛ فإن هذا الطلاق لا يترتب عليه حكم؛ لأن الكتاب لا يطلق على المرأة أو الزوجة لا بحقيقته ولا مجازه.