[حكم الزواج إذا جن الزوج بعد فترة من زواجه]
[حكم الزواج إذا جن الزوج بعد فترة من زواجه]
  سؤال: رجل تزوج بامرأة ثم بعد سنوات ثلاث أو أربع حدث في الزوج جنون، فذهب به أهله للعلاج ورجت الزوجة شفاءه، فيخف جنونه مع العلاج، ويذهب به أهله مرة ثانية ويخف جنونه شيئاً مَّا، ويواصل أهله معالجته، والمرأة في رجاء شفائه لم تفارقه في تلك المدة تعاون أهله في معالجته، وفي تهدئته، وتسكين قلقه، وتطمين نفسياته، ثم أيست من شفائه وغادرت بيت زوجها إلى بيت أهلها، واليوم وبعد اليأس من شفائه تطالب بالانفكاك عنه، وتضايق في ذلك سواء بالفسخ أو بالطلاق إن أمكن، فكيف يكون الحل؟
  الجواب والله الموفق: أن أهل المذهب قد قالوا: إن للزوجة أن تفسخ بالجنون الحادث لزوجها، وأن هذا الفسخ لا يبطل بالتراخي.
  - وأنه يبطل هذا الفسخ بالرضا بالزوج المجنون، والرضا الذي يبطل به الفسخ هو أن يصدر من الزوجة قول يدل على رضاها كأن تقول: رضيت به، أو أن يصدر منها فعل يدل على الرضا كأن تمكنه من نفسها.
  فإن قيل: إذا مكنت الزوجة زوجها المجنون في ابتداء جنونه وفي ظنها أن ذلك الجنون سيذهب مع العلاج، ثم بعد فترة خاب ظنها وأيست من شفائه امتنعت منه وتركته وطلبت فسخه، فهل يصح منها ذلك؟
  فيقال: نعم يصح فسخها إذا كان الأمر كما ذكر، وليس رضاها في أول جنون زوجها وتمكينه من نفسها بمبطل لفسخها أخيراً، وذلك لأنه انكشف لها أخيراً من العيب في زوجها ما لم ينكشف لها من قبل يوم رضيت به، ورضاها في أول جنون زوجها هو رضاً بعيب عارض عرض لزوجها ثم يزول عن قريب، فلما تبين لها من بعد وانكشف لها أنه مرض مستحكم لم ترض به، وكان ذلك بمنزلة أن يظهر للمشتري عيب فيما اشتراه فيرضى به، ثم يظهر له من بعد عيب آخر فإنه يصح له أن يفسخ بالعيب الآخر؛ لأنه لم يرض به.