كتاب الطلاق وما يلحق به
  الجاهلية، ثم إن هذه المرأة جاءت تستفتي النبي ÷ في ذلك الأمر، فأنزل الله تعالى في ذلك أحكام الظهار في أول سورة المجادلة.
  ووجه التأييد: أن الله تعالى لم يجعل ذلك الطلاق الجاهلي طلاقاً في الإسلام، بل جعل في ذلك الكفارة؛ لما فيه من ذنب قول المنكر والزور.
  وقد يتأيد ذلك أيضاً في الجملة بما جاء في القرآن الكريم عن الطلاق، وذلك أن الله تعالى حين ذكر في كتابه الطلاق وأحكامه المترتبة عليه إنما أراد بذلك الطلاق المشروع الذي أذن فيه، ومن هنا غضب النبي ÷ على ابن عمر حين خالف ذلك وأمره برد امرأته إلى الوقت الذي أذن الله بتطليق النساء فيه إن شاء.
  ولو كان لطلاق ابن عمر حكم في شريعته لأقره وألزمه بالتوبة والاستغفار، ولما كان لأمره بالمراجعة فائدة، وذلك أن الأمر بالمراجعة إما أن يكون من أجل تحصيل الطلاق وقد حصل، وإما من أجل إعدامه ولا يصح، وإما من أجل إعادته على وجه أكمل فلا يتأتى ذلك إلا في العبادات، والطلاق ليس بعبادة، ولا ينبغي للرسول ÷ أن يحمله على فعل الطلاق ثانياً؛ لما ثبت من كراهة الشارع للطلاق.
  هذا، وقد استدل الهادي # بنحو هذا الاستدلال على بطلان نكاح المتعة، وبطلان نكاح الكتابية بآية المواريث.
  هذا، وقد يتأيد ما قدمنا بقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا}[البقرة ٢٢٨]، وجه الاستدلال: أن الله تعالى جعل أحقية الزوج للرجعة مشروطة بإرادة الإصلاح.
  وبناءً على ذلك فلا أحقية للزوج في المراجعة إذا أراد بها تثنية الطلاق؛ فمن هنا يبعد أن يأمر النبي ÷ ابن عمر بمراجعة زوجته لأجل طلاقها.
  فيترجح حينئذ أن المراد بالمراجعة في الحديث: هي المراجعة اللغوية.
  نعم، القرائن التي اشتمل عليها حديث ابن عمر تدل على ما قلنا، وهي:
  ١ - قيام النبي ÷ وغضبه.