[حكم طلاق مشروط بأن لا تتزوج فلان وفلان]
  والسبب في بطلان الشرط في حديث بريرة أن أهلها اشترطوا خلاف ما يوجبه عقد البيع، ومن هنا قال أهل المذهب كما في الأزهار في النكاح: «ويلغوا شرط خلاف موجبه ... الخ» نحو أن يقول: «على أن أمر طلاقها إليها»، أو «على أن لا مهر لها»، أو «على أن لا يخرجها من جهة أهلها»، أو «على أن نفقتها عليها»، أو «أن أمر الجماع إليها».
  هذا، وحديث بريرة حديث صحيح رواه أئمتنا $ وأهل السنة، فيصح الاعتماد عليه في مثل هذه المسائل الهامة.
  نعم: ما ذكرناه هو الأقرب إلى العدل والإحسان والمعروف الذي حث الله تعالى عليه في كتابه، فحكمنا بصحة الطلاق، وأبطلنا الشرط؛ لما فيه من المضاررة التي نهى الله تعالى عنها ورسوله ÷، فقال تعالى للأزواج خصوصاً: {وَلَا تُضَارُّوهُنَّ ...} الآية [الطلاق: ٦]، وقال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩]، وفي الحديث المشهور: «لا ضرر ولا ضرار».
  ولو أنا حكمنا بصحة الشرط لما أمكن للمطلقة أن تتزوج إلى أن تموت؛ لأنه يمكن أن تتزوج في آخر حياتها بمن شرط عليها أن لا تتزوج به، وفي ذلك من الإضرار بها ما لا يخفى، وفيه من المخالفة لكتاب الله في قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩]، وتصحيح مثل هذا الشرط متنافٍ مع ذلك أشد التنافي.
  والزوج الذي يشترط مثل ذلك الشرط عاصٍ لله، ومخالف لما شرع الله تعالى، ومتلاعب بكتاب الله، ومعتدٍ على وصية رسول الله ÷، ومن هنا قال رسول الله ÷ في خبر بريرة: «ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله ولا في سنة رسوله، كتاب الله آكد وسنة رسوله أوثق، والولاء لمن أعتق».
  يؤيد ما ذكرنا: الحديث المعروف: «كل ما ليس عليه أمرنا فهو رد» وبناءً