باب الوضوء
  ٢ - أنه ليس في وسع الإنسان أن يتحرّز من الخطأ والنسيان، ومن هنا قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ}[الأحزاب: ٥].
  فإن قيل: لا يخرج المكلف من عهدة الأمر بالنسيان، بل لا بد في ذلك من فعله حتى يخرج من العهدة.
  قلنا: ما نحن فيه قد فعل المكلف ما أمر به، وتتبع أثر العجين ونحوه من أعضائه وأزالها، وضلّ عنه مثل النقطة فلم يكتشفها إلا في آخر الوقت - فلم يكن حكمه حكم من نسي فعل ما أمر به بالكلية؛ إذ قد امتثل الأمر وتحرى واستقصى، وبهذا خرج من العهدة، وليس عليه جناح فيما وراءَ وسْعِهِ.
  ٣ - يقال لمن فعل كذلك: إنه غسل يديه إلى المرافق لغة وعرفاً، ومن هنا قلنا: إن مثل هذا الوضوء صحيح.
  ٤ - روي عن بعض أهل العلم: أن غسل أكثر العضو يجزي؛ بناءً على أن أهل اللغة ينزلون الأكثر من الشيء منزلة كله.
  فإن قيل: روي أن النبي ÷ رأى رجلاً يصلي في المسجد فقال له النبي ÷: «يا هذا، إني أرى عقب رجلك جافاً، فإن كنت أمسسته الماء فامضه»، فقال علي # للنبي ÷ ما معناه: (لو صلى هذا الرجل هكذا هل تكون صلاته صحيحة؟) فقال ÷: «لا ...».
  قلنا: الذي يترك عقب رجله مفرط في الطهارة ومتساهل ومقصر؛ بخلاف ما نحن فيه؛ فإنه لم يكن منه شيء من ذلك.
[حكم من صلت دهراً طويلاً بغير وضوء جاهلة]
  سؤال: امرأة كانت تتوضأ للصلاة ثم تتنفل ما شاء الله فيجيئها البول فتبول وتستنجي ولا تتوضأ، ظناً منها أنه يكفيها الوضوء الأول، ومكثت كذلك دهراً طويلاً حتى تنبه لها بعض أقاربها فنبهها، فما يلزمها في ذلك؟