[باب الربويات]
  ويمكننا أن نقول: قد يظهر لنا بالمقارنة بين جواز اقتراض مقدار من الذهب ثم رد مثله، وتحريم شراء مثل ذلك المقدار دينا ثم رد مثله - معرفة طرف من الحكمة، فبالمقارنة بين الأمرين يتم التعرف على الفارق بينهما، فإذا عرفنا الفارق فلا بد أن يكون له دخل في التحريم، فقد استوى الأمران في أكثر المواد والعوارض، واختلفا في:
  ١ - الاسم، فأحدهما يسمى قرضًا والآخر يسمى بيعًا.
  ٢ - كل واحد من الطرفين في البيع ليس بمحسن ولا يوصف بالإحسان من حيث إنه بيع.
  ٣ - أما في القرض فالمقرض محسن ويوصف بالإحسان إلى المقترض، ويستحق عليه الشكر من المقترض والثواب من الله.
  فهذه هي الفوارق بين الأمرين، والمعلوم أنه لا دخل للتسمية في التشريع، وعلى هكذا فقد تكون العلة في تحريم البيع في ذلك أن أحد الطرفين يكون مظلومًا، وهو البائع، وذلك واضح، فإنه يعطي ما بيده من الذهب مثلًا إلى الطرف الآخر، وبخروجه من يده يحرم من الانتفاع به إلى أن يقضيه الطرف الثاني، ولا يكون له في ذلك أي فائدة؛ فلا يستحق شكر المشتري ولا ثواب الله، وكل ما حصل عليه هو حرمان الانتفاع بما أعطى فترة من الزمن.
  وهذا بخلاف القرض، فإن المقرض يستحق الثواب والأجر المضاعف من الله، مع استحقاقه لشكر الآخذ.
  هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يمكن لنا أن نقول: موضوع البيع من حيث هو بيع طلب الربح، وذلك غير موجود في هذا البيع.
  ٣ - بيع السلعة بأكثر من سعرها لأجل الدين، ويلحق هذا النوع بالنوع الأول.