من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[باب الربويات]

صفحة 53 - الجزء 2

في الربويات

  في بيع الجنس بجنسه من التاج: أما إذا كان المنفرد أغلب، نحو: أن يكون زائداً على المد، كان المد مقابلاً للمد، وكانت الزيادة مقابلة للدرهم، ولو قلَّت قيمتها عن الدرهم، إذا اتفق ذلك ولم تقصد به الحيلة، فإن قصدت فلا يجوز إلا إذا كانت قيمة الزيادة تساوي ما قابلها. اهـ

  وفي باب الصرف: واعلم أن الصرف لا تصححه الجريرة ونحوها، إلا أن تكون الجريرة - أي: الزيادة - مساوية لمقابلها؛ فإذا تساوت قيمة الجريرة وقيمة الزيادة التي في الأكثر صح الصرف. اهـ من التاج

  قلت: فإن قيل: كيف فرق أهل المذهب بين المسألتين، وقد جمع بينهما النبي ÷ حين قال «الذهب بالذهب مثلا بمثل يداً بيد، فمن زاد أو ازداد فقد أربى، والبر بالبر مثلا بمثل يداً بيد، فمن زاد أو ازداد فقد أربى»؟ فكيف استقام لهم أن يقولوا في الصرف: لا تصححه الجريرة، وفي الطعام تصححه الجريرة؟

  ويمكن الجواب على ذلك: بأنه جاء في الصرف ما يخصه عن النبي ÷، وذلك في خبر القلادة، حيث نهى النبي ÷ صاحبها عن بيعها بجنسها إلا بعد فصل ما فيها من الخرز، فإذا فصل ما فيها وزنت، ثم بيعت بوزنها، ولو كانت الجريرة تصحح البيع؛ لأمرهم النبي ÷ بذلك فقال لهم ÷: يباع الذهب بمثل وزنه ذهباً وما زاد من الذهب يكون ثمناً للخرز.

  أما بقية الأجناس الربوية فلم يأت فيها مثل ما جاء في الصرف، فبقي الحكم فيها على الأصل وهو الجواز.

  فبيع عشرة أقداح بر في (بِرْمِيْلٍ) بخمسة عشر قدحاً من البر جائز، وذلك لأن عشرة مقابل عشرة وخمسة أقداح تكون قيمة للبرميل، وهذا مع عدم قصد الحيلة للتوصل إلى الربا، فإن قصدت الحيلة فلا يجوز.