الشفعة
  فإن قيل: إذا تمرد المشتري عن تسليم الشفعة للشافع، وليس هناك من يأخذ للشفيع حقه منه، ثم ترك الشفيع الشفعة لذلك وأعرض عنها، فما هو الحكم اللازم بعد ذلك للمشتري المتمرد؟
  يقال في الجواب: يأثم المشتري إذا كان عالماً باستحقاق الشافع للشفعة فيما اشتراه، والمبيع المشفوع لا يزال ملكاً للمشتري؛ لأن المبيع المشفوع لا يخرج من ملك المشتري إلى ملك الشافع إلا بواحد من أمرين:
  الأول: أن يسلم المشتري المبيع إلى الشافع طوعاً.
  الثاني: أن يحكم الحاكم بالمبيع للشافع، فإذا لم يكن واحد من ذينك الأمرين فلا يملك الشافع المبيع، وحين يعرض الشافع عن الشفعة بقلبه ويتنازل عنها في نفسه بسبب تمرد المشتري عن تسليمها فإنها تسقط فيما بينه وبين الله تعالى، وعلى المشتري التوبة والاستغفار.
  ومما يبطل الشفعة في نظري - أن يعلم الشفيع بالبيع ولم يعلم الثمن، إلا أنه سكت وأعرض وهو متمكن من السؤال عن الثمن، ولا مانع له من السؤال والاستفسار عنه إلا أنه لم يسأل ولم يستفسر وهو يرى المشتري يستغل الأرض ويستثمرها عدة سنوات، فإن الشفعة تبطل حينئذٍ؛ لظهور الإعراض من الشفيع، وظهور تقريره للمشتري.
  ويمكن تفريع هذه المسالة على قول أهل المذهب: إن الشفيع إذا قال للمشتري: بعها مني أو أجرها، أو بارك الله لك في المبيع تبطل شفعته، وعللوا ذلك بأنه يفيد تقرير المشتري على الملك.
  يلزم من قول أهل المذهب أن الشفعة لا تبطل على الشفيع بالتراخي حتى يعلم الثمن - يلزم من ذلك مع طول المدة الإضرار بالمشتري.
  وهكذا يكون الحكم في تراخي الشفيع عن الشفعة حتى يعلم من هو المشتري أو حتى يعلم هل العقد صحيح أم فاسد؟ فإني أرى أن التراخي عن الشفعة مع تمكن الشافع من السؤال عمن هو المشتري، وعن صحة العقد، وعن