كتاب الشفعة
  جنس الثمن - يبطل الشفعة؛ لما في ذلك من الإعراض عن الشفعة، وعدم الرغبة فيها، ولما فيه من تقرير المشتري على الملك.
  إذا تواطأ البائع والمشتري على كتم الثمن الحقيقي للمبيع وأوهما الشفيع وغيره أن الثمن مرتفع فترك الشفيع الشفعة لغلاء الثمن فإن الشفعة لا تبطل، ولكن إذا انكشف الثمن الحقيقي للشفيع بعد فترة طويلة فشفع فإنه يستحق الشفعة، إلا أن يكون قد أعرض عنها وتنازل سواء كان السعر مرتفعاً أو ناقصاً فإنها تسقط الشفعة.
  ومن أحكام الشفعة فيما يظهر لي أنها تسقط وتبطل إذا أعرض عنها الشفيع بقلبه وتركها في نيته وأسقطها في نيته، ولا يجوز له بعد ذلك المطالبة بها.
  ودليل ذلك: أن الشفعة حق عارض غير مستقر فإن بادره الشفيع وإلا ذهب حقه، فإذا أسقطها الشفيع بعد عروضها، وتركها وتنازل عنها بقلبه ونيته سقطت؛ لأنه لم يبادرها.
  في الحديث المشهور عن النبي ÷: «لا ضرر ولا ضرار» ما يدل على:
  ١ - أنه لا يحكم للشافع بالشفعة إلا إذا دفع الثمن للمشتري في أيام محدده حسبما يراها الحاكم.
  ٢ - أن الشفعة تبطل بغياب الشافع بعد أن يشفع وقد قدره الهادي # بشهر.
  جرت عادة أهل بلادنا اليوم إذا أراد الشفعة أن يذهب إلى رجل من أهل العدالة ويضع عنده قرش الشفاع ويشهده: أنه شافع لفلان بن فلان فيما اشتراه فلان، ويترك طلب المشتري، ويظن أنه قد قيد الشفعة بما فعل، ثم يطالب المشتري بعد ذلك عند الحاكم ويدعي عليه الشفعة، وأقول: إن الذي يفعل ذلك قد بطلت شفعته، وذلك لأنه لم يبادر الشفعة ولم يواثبها، والشفعة كحل العقال، إن واثبها وبادرها وإلا ذهبت عنه، والمعروف أن الشفعة تبطل بالتراخي، والذي يفعل مثل ذلك المتقدم قد تراخى عن شفعته، واشتغل بغيرها وسكت عنها.