كتاب الشفعة
  فإن قيل: قد بادر الشفعة وإنما جهل وغلط حيث قيد الشفعة وأشهد عليها عند غير المشتري، فكيف تبطل شفعته بالجهل والخطأ؟
  قلنا: قد ثبت أن الشفعة كحل العقال لا يدركها إلا من بادرها وواثبها، هكذا جاءت السنة من النبي ÷، والذي لم يبادرها ويواثبها جهلاً أو خطأ أو نسياناً قد ذهب حقه، والنبي ÷ إنما حكم بها لمن واثبها، والجاهل لم يواثبها.
  فإن قيل: قد ذكر أهل المذهب أن الذي يجهل أن التراخي يبطل الشفعة لا تبطل شفعته.
  قلنا: قد قالوا في ذلك: إن المراد به أنه عذر في حق الرجل القريب العهد بالإسلام، فأما غيره فلا يقبل قوله.
  وبعد، فعندي أن التراخي مبطل للشفعة على الإطلاق لجهل أو لغير جهل، وذلك لإطلاق الدليل.
  قال أهل المذهب: إن الشافع إذا ذهب يشفع عند الحاكم بدلاً عن المشتري فإنها تصح شفعته ولا تبطل؛ لما للحاكم من الولاية والقيام على مصالح الناس.
  - إذا علم الشافع بالبيع والثمن ولم يعلم من هو المشتري فلا تبطل شفعته بالتراخي إلى أن يعلم من هو المشتري، فإذا علمه وتراخى بطلت شفعته.
  والذي أراه: أن الشفيع إذا لم يعلم المشتري وهو متمكن من معرفته، ثم لم يتعرف عليه، وتراخى فإنها تبطل شفعته.
  - إذا قال الشفيع للمشتري: أنا شافع نصف المبيع أو ثلثه أو نحو ذلك بطلت شفعته، ويمكن الاستدلال لذلك بأن قول الشفيع: أنا شافع نصف المبيع قد تضمن تنازله عن شفعة النصف الآخر، وتنازله عن شفعة نصف المبيع يستلزم تنازله عن الجميع؛ لأن المبيع كله وقع بعقد واحد وفي صفقة واحدة.
  - إذا قال الشفيع للمشتري: أشركني فيما اشتريت، فأبى المشتري من أن